900  ألــف مستهلــك للمخــدرات في الجــزائــر ومــراكز معــالجة الإدمـــان لم تحــــقـــــــق النتــائـج المرجـــــــوة.,  2784 قضية تورط فيها 4238 شخص خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2016

elmaouid

يزداد يوما بعد يوم عدد المتعاطين للمخدرات في الجزائر بشكل مثير للقلق، إذ تشير آخر الإحصائيات إلى ما بين 800 إلى 900 ألف مستهلك ليس كلهم مدمنين، منهم 27 بالمائة من طلبة الثانويات، وترتفع النسبة إلى 31 بالمائة في أوساط الجامعيين و15 بالمائة بين تلاميذ المتوسطات.

حذر مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي  “فورام” من انتشار مؤثرات عقلية جديدة تُصنف في مخابر سرية تتواجد في بلدان قريبة من الجزائر، مشيرا إلى ظهور نوعين جديدين وهما “ميتيلون” و”بيتيلون” إضافة إلى أنواع أخرى توجد في مراحل التجريب.

وقال خياطي إن مؤسسة فورام طالبت منذ عامين باستحداث مركز لتحديد الأنواع الجديدة للمخدرات التي تهدد استقرار المجتمع سيما على مستوى الحدود الغربية، أين يستعمل الكيف المعالج كأساس لصنع هذه المخدرات التي قد تشكل تركيبتها الكيميائية خطرا على صحة الإنسان الجسدية والعقلية.

 

التكفل بالمدمنين نفسيا وهو الحلقة المفقودة في علاج الإدمان

وأضاف البروفيسور خياطي أن تقرير الأمم المتحدة عن المخدرات الأخير، يتحدث عن 250 مليون شخص ما بين 15-54 سنة يتعاطون المخدرات ما يمثل نسبة 5 بالمائة من سكان العالم، مضيفا أن الجزائر تحصي ما بين 800 إلى 900 ألف مستهلك ليس كلهم مدمنين، وشدد على أن الجزائر ليست وحدها المعنية في العالم بتفشي تعاطي المخدرات في أوساط الشباب أو المؤسسات التعليمية، مذكرا بأن 27 بالمائة من طلبة الثانويات يتعاطون المخدرات وترتفع النسبة إلى 31 بالمائة في أوساط الجامعيين و15 بالمائة بين تلاميذ المتوسطات.

وطالب البروفيسور خياطي بمراجعة قانون 2004 المتعلق بمكافحة المخدرات، وقال إن تجربة مراكز معالجة الإدمان لم تؤت نتائج مشجعة، حيث تتكفل بـ 5000 مدمن فقط سنويا، مشيرا إلى أن المدمنين يرفضون التعاطي مع مؤسسات عمومية رسمية، واقترح في هذا الصدد فتح مراكز “مجهولة” تشرف على تسييرها جمعيات محلية لمراعاة الخصوصية والسرية وتقريبها من الأحياء، زيادة على التكفل بالمدمنين نفسيا وهو الحلقة المفقودة في علاج الإدمان على حد تعبير رئيس مؤسسة فورام.

وأضاف خياطي أن 20 ألف شخص تتم إدانتهم سنويا في قضايا مخدرات، مشيرا إلى أن 40 بالمائة من نزلاء السجون في الجزائر مرتبطون بقضايا المخدرات، واعتبر أن السجون “مدارس” للجريمة حيث عادة ما يتحول المدان في قضية استهلاك مخدرات إلى تاجر أو عضو ناشط في شبكة لتوزيع المخدرات بعد خروجه من السجن، مقترحا استبدال عقوبة السجن في هكذا قضايا بعقوبة النفع العام مع مرافقة طبية ونفسية.

 

دعوة إلى تنسيق الجهود لإيجاد آليات التبليغ عن تعاطي المخدرات في الأوساط الشبانية

أكدت إطارات من أسلاك الأمن، أن ظاهرة تعاطي المخدرات المستفحلة في الأوساط الشبانية والناشئة تستوجب توحيد الجهود والتنسيق من أجل التوعية وإيجاد آليات للتبليغ قصد ردع الشبكات المروجة لهذا السم القاتل.

وشدد رئيس فرقة مكافحة المخدرات بأمن ولاية الجزائر طارق غلاب خلال تدخله في إطار “أيام محاربة الآفات الاجتماعية” التي نُظمت بالمسرح الوطني الجزائري على مدى ثلاثة أيام، على أهمية أن يعي مدراء المؤسسات التربوية و المستشارون التربويون أهمية التبليغ عن حالات استهلاك المخدرات.

وأضاف السيد غلاب، أنه إذا كان التشريع المدرسي يجيز السر المهني إلا أنه في حالات حيازة المخدرات والاعتداء الجنسي وغيرها من الجنح يصبح التبليغ عنها “واجبا”، وأن التستر عليها باسم الحفاظ على توازن المؤسسة التربوية يعد في هذه الحالة “تستر على الجريمة”.

وبدورها قالت السيدة ماروك كريمة سليماني مديرة متوسطة بن شنب بالقصبة العليا، إن الأحياء المعوزة أصبحت مرتعا للمخدرات وأن الطاقم التربوي بحاجة إلى دورات إرشادية على مدار السنة تعلمهم كيفية التعامل مع الأحداث.

وتقاربت طروحات المتدخلين من قطاع التربية المشاركين في التظاهرة التحسيسية، حيث اعترفوا أنهم لا يعرفون كيفية التعامل مع تلاميذ في الأطوار المتوسطة والثانوية يتعاطون المخدرات أو وجود خطر عليهم في المحيط الخارجي للمدرسة.

وفي هذا الإطار، أوضح الملازم أول للشرطة إبعزاتن مولود المكلف بالإعلام والاتصال بأمن ولاية الجزائر، أن هناك 13 خلية إصغاء وضعت تحت تصرف المواطنين وكذا المؤسسات التربوية وأطقمها وهي تعمل يوميا على متابعة مستجدات ما يحدث في تلك الفضاءات التربوية ما يحيط بها.

وأردف المتحدث أن مديرية الأمن الوطني لولاية الجزائر قررت الاستعانة بأساليب جديدة في توعية الجماهير بمخاطر المخدرات، وذلك بإدراج المسرح كمنصة مثالية لتمرير الرسالة التحسيسية ولكون الفن الرابع هو فن المباشر والتفاعل الحي.

وفي السياق ذاته، ذكر الملازم الأول إبعزاتن أن الأمن الوطني الولائي تعوّد منذ فترة طويلة على تقديم مساعدات لمنتجي السينما والأفلام من سيارات وألبسة نظامية وكذا إعطاء بعض التقنيات للممثلين كإجراءات التوقيف وحمل السلاح وغيرها.

وكشف الرائد دراجي عبد المالك من جهة أخرى عن وجود فرق أحداث تقوم بعمل دوري عبر مختلف المؤسسات التربوية، وأن الواقع اليوم يستلزم على الجميع تنسيق مستمر للتعرف على حجم الكارثة التي ألمت بالمجتمع الجزائري.

وكشف الرائد دراجي أنه خلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2016 أحصيت 2784 قضية، تورط فيها 4238 شخص، فيما سجلت سنة 2015 تورط 6518 شخص.

أما من يتعاطى المخدرات بمختلف أشكالها وأنواعها، فتحدث الرائد عن 63% من الشباب تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة 1.21 % منهم إناث وأن 75 % من المتورطين في هذه القضايا هم من العزاب و57 % من ذوي المستوى الثقافي المتوسط و33% دون مهنة.

 

آفة المخدرات أصبحت “أكثر خطورة مما كانت عليه سابقا”

أكد الخبير الجزائري في الشؤون الأمنية عمر بن جانة أن آفة المخدرات التي تستهدف الدول المغاربية ومنطقة الساحل الإفريقي باتت “أكثر خطورة مما كانت عليه سابقا” في ظل الوضع المتأزم بالمنطقة.

وقال السيد بن جانة في محاضرة خلال أشغال الجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليساريو، أن آفة المخدرات التي تستهدف شعوب المنطقة المغاربية ودول الساحل الإفريقي أصبحت “أكثر خطورة مما كانت عليه سابقا” في ظل الوضع المتأزم وغير المستقر لبعض دول المنطقة.

وأوضح السيد بن جانة أن هذه الخطورة تتجلى “في تحالف بارونات تهريب المخدرات المنتجة بالمملكة المغربية مع الجماعات الإرهابية”.

وأضاف المحاضر أن الجماعات الارهابية “أصبحت سندا لبارونات تهريب المخدرات، ما جعل الخطر خطرين على دول المنطقة خاصة الجزائر التي تملك حدودا برية شاسعة مع جميع دول المنطقة”.

وحسب السيد بن جانة، فإن “ما يزيد من خطورة جرائم المخدرات في الوقت الحالي، تركيز الجيوش والمؤسسات الأمنية للدول التي تمر بوضع غير مستقر على اعادة الاستقرار”.

وأضاف أن “سيطرة مافيا المخدرات على مصادر القرار بالمملكة المغربية حال دون محاربة زراعة القنب الهندي بالمغرب، وهي الزراعة التي تمثل 3.1 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، كما يجني هذا الأخير 12 مليار دولار سنويا من تجارة المخدرات”. وأعاب الخبير استمرار “تهاون” المغرب في مكافحة انتاج المخدرات والاتجار بها رغم تحذيرات الهيئات الأممية.

 

70 بالمائة من أسباب تعاطي السموم أسرية اجتماعية

أكدت، كريمة لعبادي، أستاذة في علم النفس، أن أسباب تعاطي المخدرات كثيرة، تبدأ منذ الطفولة المبكرة، بحيث أن الطفل الذي لا يحصل على الرعاية الكافية، ولا تلبي أسرته احتياجاته المادية والمعنوية، تترك انعكاسات سلبية في فترة المراهقة، وتظهر عليه بعض الاضطرابات، تؤدي به إلى تعاطي المخدرات انتقاما من العائلة، وهناك من يتناولها حبا في التقليد والمغامرة واثبات الذات أو نتيجة اختلاطهم برفقاء السوء.

وأضافت لعبادي في نفس السياق أن الأسرة تلعب دورا جد هام فيما يخص متابعة المراهق، موضحة أن المتابعة لا تعني المراقبة الشديدة والضغط، لكن لابد أن يكونوا على اطلاع بما يقوم به الشاب داخل البيت وخارجه، ومعرفة زملائه وأصدقائه واحتياجاته. وأشارت إلى أن المعلم والأستاذ يكمل دور الأسرة في هذا الاطار، إلى جانب المسجد، الجمعيات، الإعلام، الأمن والقضاء… معتبرة أن دور تلك الهيئات يختلف، إذ هناك من لها دور وقائي تحسيسي، وأخرى ردعي بتطبيق القانون على المتعاطين، مبرزة أهمية دور الحركة الجمعوية خاصة في مجال التحسيس والتوعية والتقرب من الشباب المتعاطي للمخدرات.

وأكدت المختصة النفسانية لعبادي، أنه عوض تنظيم ملتقيات دراسية حول الموضوع، من الأحسن الخروج للميدان والالتقاء بالشباب وسماع الأسباب التي أدت بهم لتناول المخدرات لمعرفة الحلول، كما أنه من المهم فتح المجال لهم للتعبير وطرح مشاكلهم، من خلال اشراكهم في لقاءات مع مختصين نفسانيين واجتماعيين وممثلين عن الأمن والدرك، بحضور شباب غير مدمنين، لإيصال النصائح والتوجيهات والاقتراحات لأكبر فئة ممكنة من الشباب.