في ظل انتشار وباء كورونا المستجد في العالم بأسره، وتصاعد عدد المصابين به في بلادنا وغيرها من البلدان، وتزايد عدد من مات بسببه، صار كثير من الناس يتساءلون عما سيؤول إليه هذا الأمر، وصار القلق ينتابهم مما قد يصيبهم في أبدانهم أو أرزاقهم أو أهليهم، لا سيما أنه وضع غير مسبوق للعالم منذ زمن,
لذلك قدمت أربعة أسباب تدعونا إلى التفاؤل بأن هذا الوباء سينتهي بإذن الله عز وجل:
أولا: هذا الوباء من تدبير رب العالمين، وهو سبحانه أرحم الراحمين:
من أسمائه الحسنى: الرحمن الرحيم، وقد وسعت رحمتُه كل شيء، وقضاؤه لا ينفك عن لطفه، وابتلاؤه لا يتجرد من رحمته، ورحمته تسبق غضبه سبحانه، ونحن نؤمن بأنه _ عزّ وجلّ _ أرحم بعباده من الوالدة بولدها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالوالدة مع إشفاقها على ولدها وحبها له ورحمتها به قد تؤدبه إن أخطأ خطأ فادحا حتى لا يعود إليه، ولكنها سرعان ما تكفُّ عنه وترجعه إلى أحضانها،{وَلِلَّهِ الْمَثَل الْأَعْلَى وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النحل: 60].
ثانيا: إن الله تعالى حين يصيب عباده بنوع من أنواع البلاء الدنيوي فإنه لا يريد أن يهلكهم أو يستأصلهم:
إنما يريد الله أن يوقظهم من رقادهم وينبههم من غفلتهم، ولنضرب لذلك مثلا بإنسان وجدته نائما وقد حان الوقت الذي يجب أن يستيقظ فيه، فتناديه مرة واثنتين وثلاثا، وحين ترى أنه لم يستيقظ تأخذ بكتفه أو يده أو بدنه، وتهزه هزا قويا حتى ينتبه من نومه، وربما تنزع عنه الغطاء الذي يتغطى به، كل ذلك من أجل أن توقظهةولا شك أن معظم البشر في غفلة عظيمة عن ربهم، وهذا الوباء إنما هو سوط أصابهم الله به ليذيقهم عاقبة بعض ما عملوه، وليفيقوا من غفلتهم، حتى يرجعوا إلى طاعته سبحانه، كما قال تعالى: { وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168]. وقال عز وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الروم: 41]، وقال تعالى:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة: 21].
ثالثا: أنه ما من بلاء دنيوي إلا وله وبداية ونهاية:
فكما ابتدأ فإنه سينتهي مهما طال أمده. وهذا الوباء سينقضي حتما في الأجل الذي جعله الله له، ربما ينتهي بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة أو فيما شاء الله، ولكنه لن يدوم قطعًا. فما علينا إلا الصبر، والصبر مفتاح الفرج، والدعاء، والدعاء سلاح المؤمن، والصلاة، وهي أفضل ما يستمطر به عون الله، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153]، وقال سبحانه: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 45، 46].
رابعا: المؤمن يعلم يقينا أنه ما من شدة إلا وسيعقبها الفرج:
وما من عسر إلا وسيتلوه اليسر _ بإذن الله _ عاجلاًكان أم آجلا، مصداقالقول الله تعالى: _سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا_ [ الطلاق: 7]، بل إنه سبحانه وتعالى أكد هذه السنّة الإلهية بصيغة التَّكرار اللفظي، فقال: _فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * انَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا_ [الشرح: 5، 6]. وقد روي عن ابن مسعودرضي الله عنه أنه قال تعليقا على هاتين الآيتين: “لو كان العسر في جُحْر لتبِعه اليسر حتى يستخرجه، لن يغلبَ عسرٌ يُسريْن، لن يغلبَ عسرٌ يُسريْن”.