الجزائر- يتواصل مسلسل تسليم الإرهابيين أنفسهم للسلطات العسكرية في مناطق مختلفة من البلد، أبرزها منطقة الجنوب.
وكشفت حصيلة أول فصل في السنة الجارية، أن عدد الإرهابيين الذين سلموا أنفسهم للقوى الأمنية قد زاد بطريقة ملفتة خاصة في منطقة الصحراء والمناطق الحدودية القريبة من شمال مالي والنيجر ومالي.
وبلغ عدد الإرهابيين الذين سلموا أنفسهم لقوات الجيش 24 إرهابيا منذ بداية 2018 مقارنة بـ 30 إرهابيا سلموا أنفسهم للجيش خلال كامل السنة الماضية 2017.
وجدّدت وزارة الدفاع نداءها لمن تبقى من الإرهابيين لاغتنام فرصة الاستفادة من التدابير القانونية السارية على غرار الكثير ممن سلّموا أنفسهم للسلطات الأمنية.
ويرجع متابعون للشأن الأمني تواتر عمليات استسلام الإرهابيين، إلى إبقاء السلطات باب التوبة مفتوحا أمامهم من خلال إعادة تفعيل ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الصادر سنة 2005 عقب استفتاء شعبي.
وكانت وزارة الدفاع الوطني، قد دعت بمناسبة شهر رمضان من العام الماضي “من تبقى من الإرهابيين إلى اغتنام هذه الفرصة للعودة إلى جادة الصواب قبل فوات الأوان”.
خطط “الدواعش” تتحطم أمام احترافية الجيش
ويرى متابعون أن خبرة الجزائر وتجربتها في مكافحة الإرهاب ووعيها للوضع الخطير في المنطقة وحكمتها في إدارة الأزمات جعلها مرجعا ذا أهمية بارزة في المنطقة والعالم.
وضربت مصالح الأمن المشتركة بقبضة من حديد وأفشلت محاولات الدواعش اليائسة، وساهمت من خلال تعاونها مع قوات أمن الدول المجاورة في إحباط العديد من مخططات داعش في المنطقة.
وقال مسؤول أمني جزائري في تصريح خاص، إن “عددا هاما من الإرهابيين الذين سلموا أنفسهم لقوات الجيش في الفترة الأخيرة، سواء في منطقة تمنراست أو في منطقة وسط وشرقي البلد، حديثو العهد بالعمل الإرهابي، حيث التحقوا بصفوف المجموعات الإرهابية بعد عام 2012، مرجحا أن تكون المجموعات الإرهابية قد نجحت في استقطابهم باستغلال الزخم الإعلامي الذي رافق البدايات الأولى لتنظيم داعش عام 2012”
وأوضح المصدر أن الظروف القاسية التي تواجهها المجموعات الإرهابية في مناطق الساحل والملاحقة الأمنية دفعت الإرهابيين إلى التفكير في إلقاء السلاح.
وكشف المتحدث أن “عدد الإرهابيين الذين سلموا أنفسهم لقوات الجيش في الفترة الأخيرة في الجنوب، يمكن أن يفسر في الوقت نفسه اعتقال 18 ناشطا في شبكات دعم وتمويل للجماعات الإرهابية، والعدد الهائل للمخابئ التي يكشفها الجيش وترسانة الأسلحة التي استرجعها حتى الآن حيث تم كشف 141 مخبأ للإرهاب واسترجاع 160 قطعة سلاح وكميات من الذخيرة والقنابل”.
دبلوماسية إقليمية ثابتة
موازاة مع ذلك، تتمسك الجزائر بسياسة دبلوماسية إقليمية ثابتة في التعامل مع الأزمات ومستجدات الأحداث في المنطقة المحيطة بها.
وتتجه أولوية السياسة الدبلوماسيّة والأمنيّة للجزائر أمام “عجز الهياكل الإقليميّة والدوليّة عن مكافحة هذه الآفات”، نحو حماية أراضيها مع الاستمرار في دعم حوار شامل في مواجهة الأزمات لتحقيق الاستقرار في دول الجوار، وبالأخصّ منطقة الساحل والصّحراء التي تسمح مساحتها بحريّة الحركة للمجموعات الإرهابيّة، رغم تزايد عمليات الاتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات والسلع المهرّبة التي توفر مورداً ماليّاً ذاتيّاً للمجموعات الإرهابيّة، ما يعزز قدرتها على الأذى.
وأكد وزير الخارجية، عبد القادر مساهل، في أكثر من مناسبة، أنّ الجزائر ما زالت وفيّة لمبدئها التقليديّ بعدم التدخل خارج حدودها وعدم التدخل في سياسات الدول الأخرى، حيث قال: “مشكلة ليبيا الرئيسة هي التدخلات الخارجية التي من خلال انتهاك القانون خلقت فوضى عزّزت نمو الإرهاب، لكن الليبيّين اليوم قادرون على تطوير نموذج للخروج من الأزمة عبر مرجعياتهم الخاصة وقراءتهم للأحداث”.
ويذكّر مساهل بأنّ الدبلوماسيّة الجزائريّة دأبت دائماً على المطالبة بالحل نفسه: “إنشاء مؤسسات قويّة كشرط لا غنى عنه لنجاح عملية مكافحة الإرهاب. وهذا هو السبب الذي يجبرنا على مساعدة ليبيا للخروج من الأزمة من خلال إنشاء حكومة انتقاليّة قادرة على ضمان حماية البلد والدفاع عن المصالح الوطنيّة”.
وشاركت الجزائر في المفاوضات التي ضمت الأطراف الأساسيّين في أزمة مالي والتي أدت إلى التوصل إلى اتفاقية سلام باماكو في جويلية 2015، لكن مساهل شدد على الحفاظ على مبدأ السّيادة ومركزيّة الحوار بين الماليّين لإيجاد سيناريو موحد لحل الأزمة، في ظلّ ازدياد انعدام الأمن في جنوب البلد والمناطق المجاورة. وبالرغم من أن الجزائر ليست جزءاً من “مجموعة دول الساحل الخمس”، إلاّ أنّها تؤدي دوراً رئيساً في التعاون الأمنيّ.