إن لم يستطع العقل البسيط أن يفهم كيف يمكن أن نقطع 200 متر في يوم كامل، فإن فيلم المخرج أمين نايفة “200 متر” يمكن أن يكون درسا في إعادة حساب معادلة الزمن والمسافة، وذلك في 96 دقيقة مدة الفيلم الذي تم عرضه بالجزائر العاصمة، وهو عمل درامي يسلط الضوء على جانب من معاناة الفلسطينيين اليومية مع جدار الفصل العنصري الصهيوني ونتائجه الوخيمة على نسيج المجتمع الفلسطيني.
ويتطرق هذا العمل، المنتج في 2020 والمقدم في إطار مسابقة الطبعة الـ 11 للمهرجان الدولي للسينما بالجزائر، بواقعية ليوميات أسرة فلسطينية تشتّت بسبب جدار الفصل العنصري الذي فرق مصطفى عن زوجته وأبنائه، ولا يتم التواصل بينهم إلا عبر الهاتف والوسائط الحديثة.
وتتصاعد الأحداث بعد ورود خبر تعرض ابنه لحادث في أحد الأيام ودخوله المستشفى الذي لا يبعد سوى 200 مترا عن مقر إقامته، فيحاول الأب الوصول إليه، لكنه يتعذر ذلك بسبب إجراءات الدخول المعقدة على مستوى الحواجز الأمنية…
وفي 90 دقيقة يروي هذا الفيلم وفي قالب واقعي مرير تفاعل معه الجمهور، معاناة الوالد القاطن في الضفة الغربية الذي يرفض الحصول على هوية المستعمر، ليتحمل في مقابل ذلك متاعب رحلة شاقة وملتوية يومية نحو الحاجز الأمني الحدودي، حيث تقطن زوجته وأولاده على الجانب الآخر من المدينة رغم أن المسافة بين الزوجين لا تتجاوز 200 متر، تتحول إلى متاهة تعيق تواصله العادي مع عائلته.
وغاص الفيلم -الذي حاز على العديد من الجوائز في المهرجانات الدولية- في صميم معاناة الوجع اليومي الفلسطيني ورحلة الشتات بعد فرض الاحتلال عليهم جدار الفصل العنصري وذلك برؤية
ومعالجة درامية بسيطة، حيث يرسم مخرج الفيلم شخصياته بجمالية ودقة عالية.
وضمن خيارات المخرج لم يتطرق في عمله السينمائي إلى النقاش السياسي اليومي حول القضية الفلسطينية وتفادى إبراز مظاهر المواجهة المباشرة بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال، ليحل محلها صوت وجع الروح الفلسطينية وأنينها الذي ينبعث صداه من كل أرجاء دولة فلسطين المحتلة.
ب-ص