عرف قطاع الصحة بالجزائر سنة 2016 تأخر عرض مشروع قانون الصحة الجديد على البرلمان الذي يحمل في طياته العديد من المشاريع على غرار مشروع البطاقة الصحية لكل مريض وسحب الاعتماد من مصنعي ومستوردي التبغ في حال التلاعب واستحداث مقاطعات إدارية وإلزام الممارسين الطبيين بالعمل 3سنوات قبل الاستقالة أو التحويل بالإضافة إلى “إلزامية” البطاقة المغناطيسية
عند كل فحص .
وعرف القطاع “تباطؤا” واضحا في تفعيل سياسة تطوير النظام المعلوماتي ورقمنة تسيير المؤسسات الاستشفائية الوطنية والملفات الطبية للمرضى بهدف تطوير القطاع الذي تسعى إلى تجسيده وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات خاصة مع الشرط الذي فرضه الاتحاد الأوروبي للقيام بأي شراكة من هذا النوع مع الجزائر سنة 2009.
وشهد القطاع خلال السنة المذكورة استمرار معاناة مرضى السرطان الذين ما يزالون إلى حد اليوم يشتكون من تأخر مواعيد العلاج بالأشعة بالرغم من تطمينات والتزامات وزارة الصحة بحل المشكل الذي أزمته مشاكل أخرى ذات صلة تتعلق أساسا بنقص وأحيانا تعطل التجهيزات الخاصة بالأشعة مع نقص واضح في قطع الغيار والصيانة.
كما شهد القطاع بالرغم من “حملات التوعية والمراقبة والتوصيات” وفاة رضع حديثي الولادة في بعض العيادات الخاصة بسبب اللقاحات التي سحبتها الوصاية مؤقتا على سبيل الاحتياط قبل أن تؤكد في بياناتها بأن سبب الوفاة لا تتعلق باللقاحات التي يتوجس منها الأولياء لحد اليوم .
2016.. سنة الزيارات المفاجئة لوزير الصحة والسكان
وكانت سنة 2016 سنة الزيارات المفاجئة لوزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات الذي توعد القائمين على المستشفيات في عديد الولايات بالفصل في حال لاحظ أي تقصير أو إهمال أو تأخر(كما حصل في الكثير من عيادات التوليد) في أداء الخدمات الصحية للمواطنين الذين ما يزالون يأملون الكثير في قطاع “حساس” رصد له ميزانية ضخمة مقارنة بالقطاعات الأخرى ويحظى باهتمام بالغ من السلطات العليا للبلاد.
وبالموازاة مع ذلك استمرت مطالب مهنيي القطاع وسياسة “شد الحبل” بين وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات ونقابة ممارسي الصحة العمومية التي انضوت تحت لواء “التكتل النقابي” للمطالبة بالتصدي لقانون تعديل التقاعد وتفعيل ما تم الاتفاق عليه لا سيما تصفية ملف ازدواجية شهادات طب الأسنان والصيدلة وإشراك ممثلي العمال في ملف الخريطة الصحية الجديدة والاحتفاظ بالأقدمية وتصفية ملف تصنيف شهادتي الدكتوراه في طب الأسنان وفي الصيدلة على سلم أجور الوظيف العمومي وتسوية الوضعية المالية الناتجة عن تطبيق مسابقات الترقية بأثرها الرجعي بداية من أوت والاستفادة من الترقية المهنية .
وشهدت السنة المنقضية استمرار الاحتجاجات التي قادها ممارسو الصحة العمومية في مسعى منهم لإيصال شكاوى الموظفين ومهنيي القطاع التي ما تزال عالقة منذ ماي 2015 بالرغم من التعليمات التي أصدرها وزير القطاع عبر لجان مشتركة للتكفل بمهنيي الصحة من أطباء وممرضين وأعوان الذين ما يزالون يعانون من ظاهرة الاعتداءات ضدهم في المؤسسات العمومية للصحة..
كما شهدت السنة “جدلا” مثيرا وواسعا بشأن منتوج “رحمة ربي “بين من اعتبره دواء وبين من اعتبره مكملا غذائيا لمعالجة داء السكري رغم تبنيه منذ الوهلة الأولى من طرف وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات التي “وقعت في ورطة” خاصة بعد التحذيرات التي أطلقتها وزارة التجارة في أوساط المرضى بسبب هذا المنتوج المثير للجدل.
مرابط: 2016 …سنة اللا حوار ومقاضاة النقابيين المدافعين عن حقوق العمال
شبه إلياس مرابط رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية المنظومة الصحية في 2016 بالجزائر مثل الإنسان المريض الذي يلزمه العلاج الفوري لاستئصال الورم الخبيث الذي يعاني منه بعيدا عن استعمال المسكنات التي لا طائل منها، مؤكدا أن المنظومة الصحية عندنا تأثرت سلبا بالمشاكل والهشاشة والتعقيدات التي عرفتها على مستوى مسايرة الحاجيات عبر كامل التراب الوطني .
وقال إلياس مرابط في تقييمه للسنة المذكورة بأنها كانت سنة لا حوار مع الوزارة ومع الوزير شخصيا بسبب انقطاع لغة الاتصال وإغلاق أبواب الحوار مع الشريك الاجتماعي بسبب انتهاج الوصاية سياسة التنصل من الالتزامات وممارسة التضييق على الحريات النقابية والأكثر من ذلك مقاضاة مندوبين نقابيين ورئيس النقابة لا لشيء سوى لأنهم رفعوا مطالب مهنية واجتماعية لا غير.
وأوضح المتحدث بأن قطاع الصحة على مستوى الخدمات الصحية تميز خلال 2016 بـ”الضبابية” التي انتهجتها الوصاية في التعاطي مع عدة ملفات أبرزها ملف اللقاحات والتطعيم المتعلق بالأطفال عندما قامت بتغيير رزنامة اللقاحات دون استشارة العارفين بخبايا القطاع على غرار ممارسي الصحة العمومية الذين تم تغييبهم على مستوى اللجان .
كما أوضح المتحدث أن ما أحدثه لقاح “بانتافالو” من هلع في أوساط المواطنين كان نتيجة تلك الضبابية التي انتهجتها الوصاية في التعامل مع الأخصائيين في القطاع خاصة مع التعطلات والسحب المتكرر الذي صاحبه العمل ببرنامج اللقاحات ما أسفر عن مضاعفات ووفاة بعض الرضع نتيجة غياب أجواء غير مقنعة عن هذا التلقيح من طرف الوصاية التي لم تضع كميات معتبرة لبعث لقاحات من جديد .
وشدد المتحدث في هذا الإطار بالذات بأن البرنامج القديم للقاحات كان يسير على ما يرام قبل أن تتحول الوصاية إلى العمل بالبرنامج الجديد للتطعيم الذي خلق مشاكل عديدة حتى تناقصت كميات التلقيح منذ 3أشهر بشكل واضح على مستوى المراكز الصحية الجوارية بالتحديد.
واعتبر المتحدث في السياق ذاته بأن المنظومة الصحية بالجزائر “اختلّت” في 2016 بسبب ما أحدثه ما يسمى منتوج “رحمة ربي” الذي قيل بأنه يعالج داء السكري بسبب التعاطي السلبي للوزارة منذ البداية مع هذا المنتوج الذي يجهل قيمته وتركيبته وآثاره على المدى المتوسط والبعيد خصوصا مع الرعاية التي حظي بها من طرف الوزير شخصيا
بركاني بقاط: 2016 لم تحمل أي جديد وعلينا التفكير في سياسة “وقائية” صارمة
قال بركاني بقاط رئيس عمادة الأطباء الجزائريين بأن لا شيء كان مأمولا في قطاع الصحة العمومية بالجزائر في 2016 بسبب تفعيل وإعطاء دور للمؤسسة الوطنية للوقاية من الأمراض الذي يجب أن تكون تابعة للوزارة الأولى وليس لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بهدف الارتقاء بواقع الصحة على ما هي عليه اليوم.
ويرى بركاني بقاط في تصريح لـ”الموعد اليومي” بأن سنة 2016 لم تحمل أي جديد في قطاع الصحة اللهم الجانب المتعلق بالممارسة العمومية المركزية ووضعية الأساتذة في ظل الخدمات الطبية التي تبقى دون المستوى المطلوب الذي يبتغيه المريض .
وأوضح بأن المشاكل المطروحة في قطاع الصحة اليوم هي نتيجة تراكمات سابقة خاصة بعد تعاقب 10وزراء على القطاع هؤلاء ـ بحسبه -لم يجيدوا أو لم يستطيعوا أن يكيفوا الإمكانات الضخمة الموجودة مع الواقع وترسانة القوانين التي لابدا أن تتغير على غرار قانون الصحة الذي حمل إيجابيات يجب آن تتماشى توافقيا مع ممارسي الصحة العمومية بالنظر للآفاق والتحديات وكثرة الأمراض المزمنة.
كما أوضح المتحدث بأنه يتعين على القائمين على الصحة العمومية أن يتخذوا قرارات “جريئة” لتفعيل سياسة وقائية صارمة لتذليل الصعوبات والمشاكل التي يعرفها القطاع خاصة مع وجود النية السياسية الحسنة في تغيير الواقع نحو الأفضل مع وجود الإمكانات اللازمة لذلك.
خياطي: تقليص صلاحيات رؤساء الأقسام داخل المستشفيات نقطة سوداء
أكد خياطي مصطفى رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة العمومية وتطوير البحث بأن 2016 لم تأت بالجديد في قطاع الصحة نظرا لعديد الملفات التي ما تزال عالقة لحد اليوم في ظل بروز مشاكل عديدة على غرار مشكل اللقاحات الخاص بالأطفال الذين توفى بعضهم حيث تم توقيفه ثم سرعان ما أعيد العمل به واستعماله بعد شهرين أو ثلاثة .
وأشار خياطي لـ “الموعد اليومي” بأن سنة 2016 لم تكن بردا وسلاما على رؤساء الأقسام في المستشفيات الجامعية الذين تم “تقليص” صلاحياتهم بشكل واضح حيث مس الإجراء 22 رئيس قسم من مجموع 47 ما أحدث اختلالا واضحا داخل القطاع والخدمات الصحية خاصة وأن الذين خلفوهم في هذه المناصب لا يتمتعون بالخبرة والمستوى المطلوب وبالتالي 2017 ستكون سنة المشاكل في سير المصالح الاستشفائية .
وأضح المتحدث بأن هناك ملاحظات كثيرة وكثيرة جدا تحوم حول قانون الصحة الجديد وأعطى مثالا بإعادة النظر في مجانية العلاج التي ستكون في حدود الثلث شأنها شأن الأدوية والتي بإمكانها أن تؤثر على أصحاب الدخل الضعيف قياسا بأصحاب الدخل الوفير.
بوخرص: مريض الكلى لم يلمس أي تحسن في 2016 ونأمل التغيير
أكد محمد بوخرص الناطق الرسمي للفيدرالية الوطنية لعاجزي الكلى بأن قطاع الصحة بالجزائر خلال سنة 2016 لم يعرف أي تحسن مقارنة بالسنوات الفارطة باعتباره لم يقدم شيئا لمرضى الكلى الذين ما يزالون يعانون في صمت وذلك بالرغم من المناشدات التي رفعت لوزارتي الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي .
وقال بوخرص في تصريح لـ “الموعد اليومي” بأن هاتين الوزارتين لم تقدما أي إضافة لمرضى الكلى بالجزائر بدليل أنهما لم تستجيبا لأهم المطالب المرفوعة لهذه الشريحة من المرضى أبرزها سن قوانين لتحسين الخدمات الصحية داخل المستشفيات.
خميس علي : قطاع الصحة يحتاج إلى نفس جديد ومجهودات إضافية
قال خميس علي رئيس النقابة الوطنية للصحة العمومية بأن قطاع الصحة في 2016 كشف النقاب عن بعض الأمور السلبية التي يجب تداركها قبل فوات الآوان إذا ما أردنا الوصول إلى مستوى في الخدمات الصحية يرقى إلى مستوى تطلعات المواطن بالدرجة الأولى وفي مقدمتها سد العجز جراء نقص التغطية الصحية في الكثير من التخصصات الطبية المفقودة في الولايات كالجراحة العامة وجراحة المخ وجراحة الأطفال وغيرها …
أكد خميس علي في تصريح لـ”الموعد اليومي” بأن قطاع الصحة بالجزائر يحتاج إلى نفس جديد ومجهودات إضافية لتنظيمه وتأطيره فضلا على دعمه سياسيا خاصة وأنه مر بسوء تسيير خلال السنوات الأخيرة انعكس على مستوى الخدمات الصحية .
ويرى محدثنا بأننا لم نصل بعد إلى درجة التسيير العقلاني وتنظيم المستشفيات المطالبة بتحسين اداءات استقبال المرضى، مضيفا أننا لم نصل بعد كذلك إلى حماية الطفولة والأمومة التي تحتاج منا استراتيجة جديدة تسير وفق برنامج ومناهج حديثة تتلاءم ومتطلبات الأم والطفل.
ويعتقد محدثنا بأن قانون الصحة منذ 1985 الذي – لم ير النور بعد – مطالب بإعادة هيكلة الخريطة الصحية والمرافق وتنظيم المستشفيات لتمكين المواطنين من خدمات صحية مرموقة خاصة على مستوى الولايات التي تفتقد مستشفيات جامعية قائمة بذاتها.