تؤكد المصادر الطبية على حقيقة الفوائد الصحية للإقلاع عن التدخين، كما تؤكد على تسبب الاستمرار في التدخين برفع احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب والدماغ والأطراف، وطيف واسع من الأضرار في الرئتين وأجزاء الجهاز التنفسي، إضافة إلى أنواع مختلفة من الإصابات السرطانية، وغيرها في قائمة طويلة من أضرار التدخين الصحية.
تسلسل زمني صحي
تؤكد المصادر الطبية أن المرء المُدخن لسنوات، عندما يُلقي آخر سيجارة، ويبدأ رحلة الإقلاع عن التدخين، يمكنه عكس تلك التأثيرات السلبية للتدخين التي تراكمت في جسمه، وتوضّح تلك المصادر الطبية، وبالتسلسل الزمني التالي، الجوانب التي تتحسن خلال رحلة الإقلاع عن التدخين، وهي بدءاً من إلقاء آخر سيجارة:
1- بعد 20 دقيقة: تبدأ رحلة الشفاء من تأثيرات التدخين مبكراً جداً بعد آخر سيجارة، وتحديداً خلال الـ20 دقيقة الأولى. وحينها يبدأ ضغط الدم ومعدل نبض القلب في العودة إلى المستوى الطبي لدى المرء المُقلع عن التدخين. والحقيقة أن التدخين يؤدي إلى رفع معدل النبض لدى المدخن حال الراحة، ويُبطئ من حصول الزيادة الطبيعية المفيدة في معدل نبض القلب حال بذل الجهد، ويعيق سلاسة العودة الطبيعية لمعدل نبض القلب بعد الفراغ من أداء الجهد البدني.
إن تكرار حصول ارتفاعات ضغط الدم المرتبطة بتدخين كل سيجارة، يتسبب في تأثيرات سلبية بشكل آني وعلى المدى البعيد، لدى كل من الشخص الطبيعي ومريض ارتفاع ضغط الدم. ولذا فإن عودة التوازن في ضغط الدم ونبض القلب هي أول وأهم تغيرات إيجابية يُنتجها التوقف عن التدخين.
2-بعد 8 ساعات: في غضون ثماني ساعات، ستعود مستويات أول أكسيد الكربون إلى المستوى الطبيعي. وأول أكسيد الكربون هو مادة كيميائية تدخل الجسم مع دخان السجائر، وآنذاك تصبح مزعجة للأكسجين؛ لأنها عندما تصل إلى الدم يبدأ أول أكسيد الكربون في مزاحمة جزيئات الأكسجين في ركوب الأماكن التي يستقلها الأكسجين عادة في هيموغلوبين خلايا الدم الحمراء، وبالتالي تقل كمية الأكسجين التي تتلقاها خلايا أنسجة الجسم في الأعضاء المختلفة.
وعندما تنخفض نسبة أول أكسيد الكربون في الدم، تزيد مستويات تدفق الأكسجين إلى خلايا الجسم في الأوعية الدموية والأعضاء المختلفة بالجسم، ما يرفع من حيويتها وكفاءة عملها.
3- بعد 24 ساعة: بحلول يوم واحد بعد الإقلاع عن التدخين، تنخفض بشكل واضح خطورة احتمالات الإصابة بنوبة الجلطة القلبية. وهذا يحصل كنتيجة لمحصلة كل من: انخفاض شدة انقباض الأوعية الدموية، وزيادة مستويات كمية الأكسجين التي تذهب إلى أنسجة القلب لتعزيز كفاءة عمله، وانخفاض مستويات مادة النيكوتين في مجرى الدم. وتحديداً، يزول النيكوتين من الدم بشكل كبير بعد مضي يوم واحد من التدخين.
4-بعد 48 ساعة: بعد مضي 48 ساعة من آخر سيجارة، تبدأ النهايات العصبية التي طالها التلف بسبب التدخين في النمو والعودة التدريجية نحو أداء عملها بشكل يفوق ما كانت عليه الحال أثناء فترة التدخين. ولذا يُلاحظ المُقلع عن التدخين بدء الإحساس بشم الرائحة، وتذوق الأطعمة والمشروبات بشكل أفضل.
5بعد 72 ساعة: في غضون ثلاثة أيام بعد الإقلاع عن التدخين، سيجد المُقلع أنه يتمكن بشكل أفضل من التنفس وبسهولة. وذلك نتيجة لبدء عودة الاسترخاء والتوسع لمجاري أنابيب الشعب الهوائية داخل الرئتين، ما يزيد من سعة الرئة، أو قدرة الرئتين على الملء بالهواء، وهو ما بالتالي يجعل عملية تبادل غازات ثاني أكسيد الكربون والأكسجين بين هواء التنفس والدم أسهل، ويوفر فرصة أعلى لتنقية الدم من ثاني أكسيد الكربون وتزويده بالأكسجين.
أسابيع وشهور
6- بعد أسبوع واحد: يعتبر بلوغ أسبوع واحد في رحلة الإقلاع عن التدخين معلماً بارزاً في كل من: استعادة الجسم لعافيته بالشفاء من آثار التدخين، وارتفاع فرص النجاح في استمرار التوقف عن التدخين على المدى الطويل. ووفق ما تشير إليه الدراسات في هذا الشأن، المدخنون الذين يجتازون أسبوعاً كاملاً دون تدخين السجائر، هم أكثر عرضة للنجاح التام في الإقلاع عن التدخين وبنسبة تسع مرات، مقارنة بقبل بلوغ هذه الأيام السبعة من الإقلاع عن التدخين. وللتوضيح، قد تتعدد محاولات المرء للتوقف عن التدخين، وتزيد فرص نجاح الإقلاع عن التدخين مع كل محاولة، وإذا استطاع المُقلع عن التدخين الوصول إلى أسبوع واحد، فيمكنه تحقيق ذلك مدى الحياة.
7- بعد أسبوعين: في غضون أسبوعين من الإقلاع عن التدخين، يبدأ المُقلع في ملاحظة أن تنفسه لم يصبح سهلاً فقط؛ بل أيضاً أن قدراته على أداء المجهود البدني أعلى، وهذا بسبب حصول مزيد من التحسن في قدرات أنسجة الرئة ومجاري التنفس، وأيضاً الأوعية الدموية في الرئتين والعضلات. وهما ما يُعطيان قدرات أكبر لتفاعلات القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي مع متطلبات أداء المجهود البدني وتدفق الأكسجين إلى العضلات. وتحديداً في هذا الشأن، تشير مصادر طب الصدرية إلى حصول تحسن في وظائف الرئة بنسبة قد تصل إلى 20% عمّا كان عليه الحال قبل التوقف عن التدخين.
8- بعد شهر واحد: بعد شهر واحد فقط من الإقلاع عن التدخين، يُلاحظ انخفاض حدّة كثير من الأعراض المرتبطة بالتدخين، مثل احتقان الجيوب الأنفية وضيق التنفس مع ممارسة الرياضة، ويزيد الإحساس بالقدرة والنشاط. كما تبدأ خلايا بطانة مجاري التنفس بالنمو والعمل بطريقة طبيعية. وبشكل متدرّج، تعمل آنذاك بكفاءة أعلى في الحد من تراكم المخاط الزائد، وفي تنشيط وسائل حماية تلك المجاري التنفسية ضد الالتهابات البكتيرية. وحول هذه الفترة، يقول المجمع الأمريكي للسرطان: «السعال وضيق التنفس ينقصان. وتبدأ الأهداب الشبيهة بالشعر (التي تنقل المخاط من الرئتين) في استعادة وظيفتها الطبيعية، ما يزيد من قدرتها على التعامل مع المخاط، وتنظيف الرئتين، وتقليل خطر العدوى”.
كما تبدأ رائحة الفم في التغير نحو الحالة الطبيعية، وتنخفض احتمالات التهابات الفم.
9- بعد 3 أشهر: تتحسن لدى المرأة المُقلعة عن التدخين قدرات الخصوبة، وتقل لديها مخاطر الولادة المبكرة. وتفيد المصادر الطبية بأن تدخين المرأة يُقلل من فرص حملها بنسبة 50% مقارنة بغير المُدخنة، وبأن تقليل عدد السجائر إلى ما بين 1 إلى 5 في اليوم، لا يقلل من احتمالات الحمل خارج الرحم أو الولادة المبكرة أو ولادة جنين منخفض الوزن. وتُضيف تلك المصادر بالمقابل، أن الإقلاع التام عن التدخين، يُعيد التوازن في قدرات الإخصاب بعد نحو 3 أشهر، وإحدى آليات ذلك تحسين ظروف بطانة الرحم الصحية، وقدراتها على احتضان البويضة المُلقحة لتنمو.
10- بعد 6 أشهر: بعد ستة أشهر من الإقلاع عن التدخين، غالباً ما يلاحظ كثير من الأشخاص أنهم أكثر قدرة على التعامل مع الأحداث المجهدة نفسياً، والتي تدفع عادة بعض المدخنين إلى إشعال السيجارة آنذاك. ولذا يستطيع المُقلع عن التدخين التعامل مع تلك الأحداث بطريقة إيجابية ومنتجة، دون الشعور بأنه بحاجة إلى التدخين.
ق. م