الموعد اليومي” تستطلع آراء الصحراويين وتنقل ما عاشته بمخيمات اللاجئين طيلة أسبوع كامل”
تمر 25 سنة على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين ”جبهة البوليساريو والمغرب” والبعثة الأممية “المينورسو” التي وضعت حدا للحرب المسلحة سنة 1991، دون أن يتحقق لحد الآن الغرض الذي أُسست من أجله هذهالبعثة لتنظيم استفتاء حر، عادل ونزيه يقرر من خلاله الشعب الصحراوي مصيره مثلما تقتضيه الشرعية الدولية، حيث بدأ صبر شعب الصحراء الغربية ينفذ، وأصبح يرى في السلاح والبندقية حلا لتحقيق الاستقلال والعودة للديار، بعد أزيد من أربعين صيفا وشتاء من اللجوء في مخيمات تندوف.
مبعوث ”الموعد اليومي” إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين: عبد الرحمان تاجر
تخطر ببال الكثير من الأشخاص الذين لم يسبق لهم زيارة مخيمات اللاجئين الصحراويين، تساؤلات عن كيفية العيش هناك، وكيف يقضي المواطن الصحراوي يومياته، وما هي رؤيته لواقع قضيته بعد عقود من الزمن..لهذا قررت الموعد اليومي تسليط الضوء عن واقع العيش في المخيمات من خلال هذا الروبورتاج.
الإنطلاقة من مطار بوفاريك العسكري
انطلقنا في حدود الساعة الحادية عشر صباحا بمطار بوفاريك العسكري على متن طائرة “هيركيل” باتجاه مخيمات اللاجئين الصحراويين الواقعة أقصى غرب ولاية تندوف، استغرقنا حوالي ساعتين وربع لنحط الرحال بمطار تندوف، توجهنا بعدها مباشرة على متن سيارات رباعية الدفع تابعة لجبهة ”البوليساريو” إلى مخيم بوجدور، الذي يبعد عن ولاية تندوف بحوالي 50 كلم، أمضينا ليلة واحدة هناك نظرا للتعب الذي نال منا، وواصلنا السير في مساء اليوم الموالي إلى مخيم الداخلة الذي يبعد هو الآخر بحوالي 100 كلم عن بوجدور، لنصل في حدود الساعة العاشرة ليلا إلى المكان المنشود.
استقبال حار من الصحراويين
وطأت أقدامنا مخيم الداخلة وسط ظلام دامس، لنجد مجموعة من ربات العائلات في استقبالنا، بابتسامات واضحة تعلو وجوههن، وتم توجيه كل مجموعة مكونة من 5 إلى 6 أفراد للإقامة لدى عائلة صحراوية طيلة الأيام التي سنقضيها في المخيمات لأنه ليست هناك فنادق أو إقامة مخصصة للزوار أو شيء من هذا القبيل … ”منوتة خطري” استضافتنا في منزلها المتواضع المكون من غرفة ومطبخ، عمرها يفوق الستين والتجاعيد المرسومة على وجهها تبين أنها امرأة من ”حديد” عانت الكثير وما تزال صامدة، تُقيم في البيت رفقة أبنائها المنخرطين في الجيش الصحراوي.. وبعد أن قدمت لنا الطبق التقليدي الصحراوي ”مارو ولحم” خلدنا للنوم، في حين اختارت ”منوتة” المبيت في الخيمة وافترش أبناؤها العراء.
لاجئون في أفضل مخيمات العالم
استيقظنا مع بزوغ الفجر، وتجولنا في أرجاء المخيم لنكتشف أن هذا الأخير لم يعد كما كان عليه في السابق، خاصة وأنه من بين المخيمات المعزولة كونه يقع في ”الحمادة” (الحدود)، و تعرض في أكتوبر من سنة 2015 إلى فيضانات جعلت المنازل المبنية من الطوب رُكاما وأنقاضا، وقد شرع الصحراويون في تغيير سياسة الإعمار والبناء، فبعد أن كان الاعتماد على الطين وحده لبناء المنازل ولأنه لا يصمد أمام غزارة الأمطار، لجأوا لطريقة أخرى وهي خلط الطين مع الحصى لتشكيل حبّات من الطوب المتين ويتم تلبيس الجدران الأربعة بالإسمنت ليمنع تسرب مياه الأمطار، وما يميزه عن باقي المنازل تواجد نوافذ صغيرة أسفل الجهات الأربع للجدران لتهوية البيت بشكل كثيف، وإضافة إلى المنزل تمتلك كل العائلات خيما من القماش السميك… وجل البيوت الصحراوية مزودة بمكيفات هوائية وحتى شبكة الأنترنيت من الجيل الرابع، بالإضافة إلى الأدوات الكهرومنزلية، وخلال تواجدنا هناك كان بعض العمال الجزائريين يجهزون المخيم بأعمدة الإنارة والكهرباء، وتعتبر مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف من أحسن مخيمات اللجوء في العالم باعتراف الصحراويين أنفسهم.
”منوتة”… عندما يتحدث الدمع تصمت كل لغات الألم
وفي جلسة شاي جمعتنا مساء مع أفراد العائلة التي استضافتنا، وكما هو معروف فالصحراويون لا يستغنون عن الشاي المُعد على الجمر، ففي اليوم الواحد يتناول الفرد 9 أكواب على الأقل ويعد من العادات ”المقدسة” للصحراويين، تروي ”منوتة” التي تجاوز عمرها الستين تجربتها المريرة عندما غادرت مدينة العيون عام 1975، أثناء اجتياح العسكر المغربي للصحراء الغربية، وتتذكر أنها غادرت بيتها ليلا مشيا على الأقدام حاملة على ظهرها ولدها الذي لم يطفئ شمعته الأولى لمئات الكيلومترات، وما زالت صور الاعتداءات المغربية عالقة بذاكرة هذه الأم التي تارةً تتحسر وتارةً تتكلم، وبين هذا وذاك تمتلئ عيناها بالدموع، وفي معرض حديثها، قالت إنها عانت الويلات آنذاك، ولم تذق طعم الاستراحة لشهور بسبب ”رحلة البحث” عن مكان أمن يقيها من بطش المستعمر المغربي قبل أن تحتضن الجزائر الصحراويين في تندوف … ورغم كبر سنها تشغل “منوتة” منصب رئيسة البلدية، من مهامها إحصاء العائلات التي تستفيد من المساعدات الدولية التي يعتمد عليها الصحراويون في عيشهم وتصل تقريبا في كل شهر وتتأخر في بعض الأحيان، وتتكفل منظمة الهلال الأحمر الصحراوي تنسيقا مع رئيسة البلدية بتوزيعها وتقسيمها على العائلات الصحراوية، حيث تتكون المساعدات في مجملها من مختلف المواد الغذائية والأدوية واللباس وضروريات العيش وحتى مواد البناء مثل الإسمنت.
مخيمات بمواصفات دولة
ويعيش في المخيمات حوالي 230 إلى 250 ألف لاجئ، ينقسمون على 5 مخيمات تحمل أسماء مدن تقع في الأراضي الصحراوية وهي العيون، أوسرد، السمارة، الداخلة وبوجدور، وتحدى الصحراويون كل الصعاب رغم قساوة الجو ونقص الإمكانيات، فقد جعلوا المخيمات عالما آخرا عنوانه البساطة في العيش ورفعوا التحدي من خلال تشكيل دولة لها حكومة ووزارات وبرلمان ومؤسسات كما يوجد في كل دول العالم…
الدراسة من الأساسيات والمنهج الجزائري حاضر
وفي صباح يوم مشرق، قررت ”الموعد اليومي” تسليط الضوء على أهم المؤسسات بمخيم الداخلة، وكانت المحطة الأولى باتجاه المدرسة الابتدائية ”الشهيد سيدي حيذوب” التي يعود تاريخ تشييدها لسنة 1978، تتوفر على 18 قسما، بطاقة استيعاب 657 تلميذ، وتتوفر في مخيم الداخلة لوحده 4 مؤسسات تعليمية، ابتدائيتين ومتوسطتين، في حين لا وجود لأي ثانوية بمخيمات اللاجئين بأكملها، ما يستدعي تنقل التلاميذ الحائزين على شهادة الطور المتوسط إلى ولاية تندوف الجزائرية لاستكمال الدراسة، غير أن الكثير من الصحراويين لم يسعفهم الحظ للتنقل للطور الثانوي لأسباب مادية، والملاحظ هناك أن الصحراويين يحرصون على تعليم أبنائهم وتكوينهم في مختلف ميادين العلم والحياة، ويعطون أهمية بالغة لدور العلم والتربية في بناء الأمم والرقي بها وبالمجتمعات.
وتعتمد وزارة التربية الصحراوية، حسب ما أفاد به مدير المدرسة ”حمودي البشير محمد” الذي استقبلنا بحفاوة، على نوعين من مناهج التعليم، المنهج الجزائري الذي يتم من خلاله تدريس مواد اللغة العربية، الرياضيات، الفيزياء، التربية المدنية
والإسلامية، والمنهج الصحراوي المتعلق بمادة التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية، إضافة إلى اللغة الإسبانية التي تعد اللغة الثانية في الصحراء الغربية بعد ”الحسانية” المتداولة في الوسط الصحراوي.
نقص الوسائل يعيق التلميذ والمعلم
تجولنا في أقسام المدرسة البسيطة والتقينا بالأستاذة خديجة التي أوضحت بصريح العبارة أنها تجد صعوبات في إيصال بعض المعلومات للتلاميذ، فعلى سبيل المثال تقول محدثتنا ”عندما ندرس التلاميذ حول المزرعة أو المدينة، فالتلميذ الصحراوي في المخيمات لم يسبق له أن عايش مثل هكذا أمثلة وهو ما من شأنه التأثير بالسلب على التحصيل الدراسي لهم، زيادة على ذلك فالمعلم هنا يفتقد لبعض الوسائل المتعلقة بالمقررات والمناهج الدراسية، ففي الجزائر في كل فصل هناك وثائق جديدة مرافقة للمعلم، أما هنا فالأستاذ يعتمد على قدراته الخاصة”، واختتمت حديثها ”أتمنى في يوم من الأيام أن أرى الأطفال الصحراويين يتمتعون بالحرية، وندعو أصحاب الضمائر الحية إلى الوقوف بجانب هذه الفئة”.
شباب في مقتبل العمر ينخرطون في صفوف الجيش الصحراوي
ودّعنا التلاميذ الذين لم تفارق الابتسامة وجوههم باتجاه وجهة أخرى، وفي طريقنا التقينا بالشاب ”مولاي” يبلغ من العمر 18 سنة، توقف عن الدراسة في الطور المتوسط بسبب عدم توفر ثانوية في المخيمات، ”مولاي” الذي يقضي أيامه بين ممارسة كرة القدم والمكوث في الخيمة أمام هاتفه النقال، يستعد للانضمام كباقي الشباب الذين توقفوا عن الدراسة إلى الجيش لتأدية مهام حفظ الأمن والأمان والمساهمة في استقلال وطنهم لتحقيق حلمهم وأفكارهم التي تبعثرت وسط الرمال وحُبست داخل خيمهم.
ولا يخفى على أحد أن هناك عددا لا بأس به من الشباب الصحراويين الذين يتخرجون سنويا من الجامعات الجزائرية إضافة إلى الأجنبية في مختلف التخصصات، ويحظى هؤلاء بدعم وتشجيع كبيرين من خلال المناصب التي توكل إليهم سواء في الإدارة أو السياسة أو التعليم وغيرها.
”الطب العام” و”طب النساء” التخصصان المتوفران
توجهنا بعدها صوب المستشفى الجهوي، وتجولنا في مرافقه، حيث تتوفر فيه تخصصات الطب العام وطب النساء، أما الأدوية المتوفرة حسب ما أفاد به التقني الصيدلي ”هبة محمد سعيد” المتعلقة بالمضادات الحيوية والمهدئات، التي تُرسل من طرف ممثلي المفوضية الأوروبية لحقوق الانسان وجمعيات أطباء العالم الألمانية.
ويتم في هذا المستشفى معالجة الأمراض ”العادية”، كما أن هناك أدوية خاصة بالأمراض المزمنة مثل السكري والروماتيزم والقلب، إلا أنه في حالة عجز في الأدوية أو ظهور تعقيدات صحية ينقل المريض إلى مستشفى تندوف، غير أن الظاهر هنا في المخيمات، حسب ما كشفه لنا البعض، لا توجد أمراض خطيرة وفتاكة بسبب طبيعة الأرض وحرارتها.
”العمل التطوعي” يجرّ بعض الصحراويين للتجارة

وما يميز العمل في المخيمات هو الطابع التطوعي، فكل المواطنين الصحراويين الناشطين في مختلف القطاعات يعملون دون أن يتقاضوا أجرا بالمقابل، فهم يعتمدون بالدرجة الأولى على المساعدات الدولية والانسانية التي تصلهم، إلا أن بعض الصحراويين اختاروا التوجه لممارسة التجارة، وهو ما وقفنا عليه في سوق ”الداخلة” الذي يتوفر على حوالي 20 محلا … ”عبد الله” بائع الخضر والفواكه، أقر أنه يبيع بثمن مرتفع نظرا لتكلفة النقل الباهظة والمقدرة بمليون سنتيم، حيث يقتني الخضر من ولاية تندوف 3 مرات في الأسبوع ما يكلفه 3 ملايين سنتيم في الأسبوع ناهيك عن ثمن السلعة، أما عن إقبال الصحراويين فقد أكد أنه ضعيف جدا، نظرا لأن أغلبهم ليس لهم مدخول يسمح باقتناء الخضر والفواكه يوميا، وعلى سبيل المثال يبلغ سعر العنب 400 دج، أما التفاح 350 دج والبطاطا والطماطم بـ 200 دج.
أما ”محمد سالم” فقد اختار فتح جزارة لبيع لحم الإبل والدجاج كونها الحيوانات المتوفرة في المخيمات، ويبلغ ثمن الكلغ الواحد من لحم الإبل 600 دج، والدجاج 400 دج للكلغ ويعاني صاحب الجزارة حسب تصريحاته من نقص في التجهيزات من بينها المبردات ما صعب من عمله كثيرا.
في حين لجأ الشاب ”المكي” لبيع كل ما تعلق باللّوازم المنزلية وحتى الأدوات الكهرومنزلية، حيث أكد أن التجارة في المخيمات تحسنت نوعا ما مقارنة بالسنوات الماضية، موضحا أنه لما كان يقتني السلعة من موريتانيا (كونها لا تبعد كثيرا عن المخيمات) كانت الأسعار جد مرتفعة وحتى الإقبال عليها كان ضئيلا جدا، إلا أنه لما أصبح يحضر السلعة من الجزائر وبالضبط من العلمة، تحسن السوق وأصبحت الأسعار لا بأس بها.
عمي بوزيد و”الرحلة” بـ 3 ملايين
وعكس هؤلاء الشباب، لم يفرط عمي ”بوزيد محمد مولود” البالغ من العمر 72 سنة في الحرفة التي ورثها عن أجداده وأخذ منها رزقا له ولعائلته، حيث يعمل حداد بوسائل جد بسيطة، يُعيد تحسين الأواني النحاسية المتضررة، ويَصنع ”الرحلة” التي توضع على ظهر الجمل، يستعمل الحطب وجلد الجمل لصنعها، في حين يستغرق 5 أيام كاملة لإنجازها، ليبيعها مقابل 3 ملايين سنتيم، وكشف عمي محمد أنه يوجد كثير من الحرفيين في المخيمات لكن لا وجود لمجال لتسويق هذه الأعمال.
الصناعة بدأت تجد معالمها
وبالإضافة إلى التطور الذي تشهده المخيمات بخصوص التجارة، بدأت معالم الصناعة تتجسد في المخيمات، فمثلا في مخيم بوجدور الذي لا يبعد كثيرا عن ولاية تندوف الذي مكثنا فيه يوما واحدا، تم فيه فتح عديد المحلات الخاصة بالنجارة
والحدادة وإصلاح السيارات، وتعرف هذه الأخيرة تطورا ملحوظا عكس السنوات الماضية.
”المرسيدس” حديث الجزائريين
والمثير للانتباه في المخيمات هو تواجد سيارات ”المرسيدس” المستعملة بكثرة، ويبلغ سعر الواحدة منها 40 مليون سنتيم في حالة جيدة و20 مليون سنتيم قديمة نوعا ما، ما جعلنا نطرح بعض الأسئلة عن إمكانية نقلها من المخيمات إلى غاية الجزائر، والإجابة كانت صادمة بالنسبة لبعضنا كون القوانين هناك تمنع بيع السيارات خارج المخيم أو بمعنى آخر لا يمكن لشخص خارج المخيمات أن يشتريها.
شعب بدأ صبره ينفذ وأصبح يرى في السلاح حلا لطرد ”المخزن”

بعيدا عن يوميات الشعب الصحراوي وظروف العيش، يرى الكثير من المواطنين وبعض العسكريين والبرلمانيين الذين استطلعنا آراءهم حول واقع قضيتهم، أن الكفاح المسلح هو الحل للقضية الصحراوية لافتكاك الاستقلال والعودة للديار، بدلا من الكفاح السلمي الذي تعتمده جبهة ”البوليساريو”، خاصة وأن قضية
”آخر مستعمرة في إفريقيا” طال عليها الأمد، ولم تراوح مكانها بالشكل المطلوب على مستوى الأمم المتحدة بشأن تنظيم استفتاء تقرير المصير، وما زالت تعرف تعطيل مسار المفاوضات ومناورات من طرف نظام ”المخزن”، وهو ما زاد من رغبة الصحراويين للتوجه لخيار السلاح و”البندقية” لطرد المحتل
والتمتع بالحرية، بعد سنوات من الصبر الذي بدأ بالنفاذ بالنسبة للكثيرين وهو ما لمحناه خلال حديثنا معهم، حيث بدوا متحمسين أكثر من أي وقت مضى للاستشهاد لأجل الوطن.
وقال أحد المواطنين الذين تحدثوا لـ ”الموعد اليومي”، ”نحن شعب مُسالم نحب الأمن، لكن هذا لا يعني أننا متخوفون من الحرب، بل العكس، نحن جاهزون للقتال وحمل السلاح، شباب، نساء، رجال وشيوخ”، وقال آخر ”مستعدون للتضحية من أجل الاستقلال، فعلا أكثر من أربعين سنة من اللُّجوء والمفاوضات دون أي حل يذكر هذا ليس بالهين علينا، لذلك نريد البندقية والاستشهاد من أجل الوطن”، وأضاف ”ليس من السهل أن تعيش أزيد من أربعين صيفا وشتاء كلاجئ وأنت تدرك أن أرضك محتلة بطريقة غير شرعية، ومحروم من التمتع بخيرات وطنك من سواحل غنية بأنواع الأسماك إلى أرض تختزن في باطنها معادن الفوسفات والنفط”.
وقالت إحدى النساء ”سئمنا من الانتظار ونرغب في حمل السلاح لرد الاعتبار”، واختتمت قولها بـ ”يا نظام المخزن أرض الصحراء أرضنا طال العمر أو قصر وسنعود إليها عاجلا أم آجلا”.
جاهزون للقتال في انتظار الإشارة

وأبدى بعض العسكريين استعدادهم التام للقتال والتضحية بالنفس والنفيس من أجل تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب من الاستعمار المغربي، مؤكدين على أنه الحل الوحيد لطرد الاحتلال المغربي مادام المخزن يعطل استفتاء تقرير المصير.
وأمام الحماسة التي كانوا يحدثوننا بها، توجهنا لأحدهم بسؤال عن عدد عناصر قوات جبهة ”البوليساريو”، فردّ بدبلوماسية وتحفظ “هذا الرقم من الأسرار العسكرية ولا يمكن الإفصاح عنه”، وفي رده على سؤال آخر حول قدرة الصحراويين على طرد الاحتلال المغربي، قال ”مقاتل صحراوي واحد يمثل 10 من المغرب، قوة الصحراوي في أنه يدافع عن وطنه وهو يعلم أن حقه مهضوم، الأمر الذي يزيد عزيمته وصموده ورغبته في افتكاك الحرية، عكس العسكري المغربي الذي وضع في المنطقة مرغما عنه مدركا أن ما يقوم به لا شرعي ولا قانوني وهو ينفذ أوامر فوقية فقط”، وأضاف “نحن ننتظر الضوء الأخضر من البوليساريو، فهي المحرك الوحيد للثورة”.
وقال أحد البرلمانيين الذين التقينا به في المخيم ”نحن لا ننتظر أن يفرش علينا ”المخزن” الورود، فقط نحترم الوثيقة الدولية والمعاهدات التي تم ابرامها بين البوليساريو والأمم المتحدة، لكن لن نبقى مكتوفي الأيدي في حالة عدم ايجاد حل من طرف الأمم المتحدة، وإذا واصل نظام ”المخزن” خروقاته وضرب القوانين الدولية عرض الحائط، فنحن مستعدون للقتال لاسترجاع السيادة على الأراضي الصحراوية”.
وأضاف قائلا: ”المغرب لديه ضغوطات كثيرة بعدم اعتراف أي دولة بأن له شرعية دولية على البوليساريو، وهذا ما رأيناه مؤخرا في محاولته للانضمام إلى الاتحاد الإفريقي، والذي تجسد في فشل سياسي ذريع بالنسبة لنظام المخزن”.
”لا بديل.. لا بديل عن تقرير المصير”
غير أن هناك بعض الصحراويين يرون أن استفتاء تقرير مصير الشعب يأتي عن طريق مواصلة الكفاح السلمي لأن أية خطوة غير مدروسة أو منفردة قد تسبب للقضية مشاكل هي في غنى عنها، حسبهم.
ويرفع أبناء الراحل ”محمد عبد العزيز” في المناسبات الوطنية مثل ذكرى وحدة الشعب الصحراوي التي حضرناها، العديد من الشعارات التي تترسخ في ذهن من يسمعها من بينها شعار ”كل الوطن أو الشهادة”، ”بالكفاح والسلاح نفدي الصحراء بالأرواح”، ”يا شهيد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح” وهي شعارات تبين الرغبة الشديدة للصحراويين لفرض الاستقلال والسيادة على الأراضي الصحراوية، إضافة إلى شعار ”لا بديل، لا بديل عن تقرير المصير”.