إن العاقل الفطن هو الذي يأتي يوم القيامة وقد استكثر من الحسنات وأثقل موازينه بالأعمال الصالحة، وقلل ما استطاع من السيئات والأعمال الفاسدة، أما أعظم الأعمال الصالحة التي تثقّل الميزان وترجحه يوم القيامة هو توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبادة، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ” يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ” الشعراء: 88، 89 فتوحيد الله مما يرجح الموازين يوم القيامة.
إن من آثار الإيمان بالميزان يوم القيامة ظهور آثار أسماء الله وصفاته، فالله سبحانه وتعالى العليم الخبير الحسيب المحصي، لا يخفى عليه شيء، وكذلك بيان قدرته تبارك وتعالى على حساب خلقه على مثاقيل الذر، والله قادر على أن يزن أعمال العباد كلهم، وينتهي كل شيء في لحظة: ” مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ” لقمان: 28، فيُحاسب الناس كلهم كما يحاسب الواحد، فالله سبحانه على كل شيء قدير، لا يتعاظمه شيء، ولا نقيس أمر الآخرة على أمر الدنيا.
ومن آثار الإيمان بالميزان يوم القيامة أن يجتهد العبد في الطاعات والمسارعة إلى الخيرات، فإن من زادت حسناته على سيئاته أفلح ونجح، قال تعالى ” فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ” القارعة: 6 – 11. ومن فوائد الإيمان بالميزان المحافظة على الحسنات مما يبطلها أو ينقصها؛ كالشرك بالله والعجب والرياء وترك الفرائض وانتهاك المحرمات والوقوع في ظلم العباد فهو ظلمات يوم القيامة.
ومن فوائد الإيمان بالميزان والحساب والجزاء يوم القيامة بيان عدله سبحانه وتعالى، وأنه يضع الموازين القسط العادلة التي يبيِّن فيها مثاقيل الذر التي توزن بها الحسنات والسيئات، كما في الآيات ” وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ” التي هي أصغر الأشياء وأحقرها، كما قال تعالى: ” فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” الزلزلة: 7، 8.