من خلال قضايا القتل التي تعالج سنويا بمحاكم الجنايات، تسجل تلك التي يتورط فيها الشواذ جنسيا حضورا واضحا، حيث يرتفع معدلها من سنة إلى أخرى خاصة في ظل الفراغ القانوني في ردع هذا الفعل المخل
الذي يدفع بمدمنيه في حال رفض ضحاياهم الاستمرار في إشباع رغباتهم إلى قتلهم بطرق بشعة، والتنكيل بأجسادهم بتقطيعها وفصل كل الأعضاء عن بعضها لإرضاء عقدتهم المرضية.
اهتزّ حي الزغارة بأعالي بولوغين بالعاصمة، على وقع جريمة قتل مروّعة راح ضحيتها شاب في العقد العشرين.
وتعود تفاصيل القضيّة إلى قيام الجاني وهو شاب في الـ 18 من العمر، بالاعتداء على الضحيّة، وحسب بعض المصادر، فإن الضحيّة قتل بطعنة زجاجة على مستوى الرقبة.
كما اهتز سكان تيبازة مؤخرا على وقع جريمة شنعاء لا يزال المتورطون فيها قيد التحقيق بعد إقدام شابين على قتل صديقهم، حيث لم يكتفيا بذلك وقاما بفصل رأسه عن جسده، وكذا تقطيع أطرافه بشكل غريب وتشير المعلومات الأولية إلى أن الضحية والمتهمين كان يمارسان الفعل المخل مع بعضهما، وبعد خلاف حاد بينهم لجأ المشتبهان في القضية إلى قتله بالطريقة المذكورة.
هذه واحدة من القضايا الكثيرة التي أصبحت تحدث بشكل يومي وفي مختلف المناطق، تم معالجة بعضها بالمحاكم والحكم على أصحابها، فيما لا يزال عدد مهم منها قيد التحقيق، حيث أكد المختصون في القانون والعاملون بقسم الجنايات أن عدد القضايا التي يرتكبها الشواذ في ارتفاع، ونادوا جميعهم بإيجاد حلول استعجالية، كون أفعالهم عدى جرائم القتل إلى إلحاق ضرر بالجثث، كما أن حالتهم مرضية وبذلك أصبحوا يشكلون خطرا على المجتمع.
تقطيع الأذنين، حلق الحاجب، العبث بالأمعاء…. أفعال مصدرها شذوذ
عالج مجلس قضاء الجزائر في الدورة الجنائية الماضية قضية كان بطلها شاب من مدينة برج البحري حكم عليه في نهاية المحاكمة بالمؤبد بالنظر إلى بشاعة الجريمة، حيث مثل المتهم أمام المحكمة لارتكابه جناية القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، ومن خلال أطوار المحاكمة التي جرت في جلسة سرية ووفق ما جاء على لسان محامي الطرف المدني، فإن المتهم جمعته صداقة طويلة بالضحية أين كانا أبناء حي واحد، ودرسا معا في الأطوار الثلاث، وعندما اجتازا البكالوريا تحصل الضحية عليها، فيما أخفق المتهم في اجتيازها، وعلى الرغم من أنهما افترقا من الدراسة إلا أن صداقتهما استمرت وكانا يتزاوران في المنزل وفق تصريحات والديهما، وكان يقضيا عطلة الصيف معا، إلى أن صدم الجميع بالجريمة النكراء التي لم يكن يتوقع أحد أن يكون أبطالها أصدقاء، إلا أن التحقيق كشف ملابسات القضية وأماط اللثام عن حقائق لم تكن العائلتان تعرفان بها، وهي أن الصديقين كانا على علاقة جنسية، وتبين أن كليهما شاذان، حيث كانا يقضيان معظم وقتهما في ممارسة الفعل المخل بالحياء، ويوم الواقعة حسب ما جاء على لسان المتهم، فإنه طلب من صديقه أن يقوما بنفس الفعل إلا أن هذا الأخير رفض، وأخبره أنه من اليوم فصاعدا لن تكون له علاقة به، بعد أن علم أن ما يقومان به محرم شرعا ومنبوذ من قبل الجميع، وبعد أخذ ورد وجد أمامه آلة حادة ضربه بها على مستوى الرأس، أردته قتيلا، ليقوم بعدها بتقطيع جسده بالكامل كل عضو وضعه في كيس، وأحدث له تشوهات مختلفة على مستوى الرأس أين قام بتقطيع أذنيه وأنفه.
قضية أخرى نظر فيها نفس مجلس القضاء، المتهم فيها مسن تجاوز الستين قام بقتل ابن جاره بعد أن كان على علاقة به، حيث كان الضحية يتردد على محله بشكل يومي، وكانا يرتكبان الفعل المخل داخل هذا الأخير، وبمرور الوقت نشب خلاف بينهما، وجد المتهم نفسه يطعن الضحية بعدة طعنات ولم يكتف بذلك، حيث قام برسم وشم بظهره حسب الوقائع وآخر على مستوى الصدر بالإضافة إلى وشم آخر بالجبين تضمن حروفا غير مفهومة، وهي القضية التي هزت الحاضرين عندما عرضت تشكيلة المحكمة صور التنكيل.
قانونيون ينتقدون الفراغ القانوني

أجمع المحامون على أن تزايد جرائم القتل التي يكون المتهمون فيها شواذا ناتج عن تسامح القانون مع هذه الفئة، حيث لم يوضح القانون الجزائري صفة الشواذ، وهنا ذكر الأستاذ إبراهيمي لـ “الموعد اليومي” أن المادة 333 من قانون العقوبات في الفقرة الثانية، تشير إلى تسليط عقوبة من 6 أشهر إلى 3 سنوات ضد مرتكبي الشذوذ دون تحديد الجنس، ما يجعلها تكتسي نوعا من الغموض، بالرغم من أن الشريعة الإسلامية تشير صراحة إلى مرتكبي اللواط من الذكور وتعتبره من الكبائر، فيما يبقى القانون الجزائري مبهما وغامضا لم يحدد فيه المسؤوليات المتعلقة بممارسة الشذوذ بين الرجال وكذا بين النساء.
هذا الفراغ، حسبه، سمح لهذه الفئة بالتمادي في سلوكها الشاذ وممارسته دون خوف من العقاب، ما جعل مثل هذه الظواهر السلبية فاقم وأصبحت تؤثر بشكل مباشر في المجتمع أين تحدث شرخا أولا في العائلة؛ بعد اكتشاف أن أحد أفرادها يمارس هذا الفعل المخل، ليتسبب هذا الأخير في دمار بالكامل للأسرة بعد تورطه في قضايا قتل وتنكيل يقضي بموجبه ما تبقى من حياته في السجن، مؤكدا في الأخير أن أفضل حل حسبه هو التصدي لهذه الظاهرة بتحضير ترسانة قانونية أكثر شدة وحزما تعاقب هذا الفعل في حد ذاته بعقوبة جاوز الـ5 سنوات، يضيف الأستاذ إبراهيمي.