إن المال فتنة؛ كما قال الله جل وعلا: ” أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ” الأنفال: 28، فالمال فتنة، ومن فتنته أنه قد يوقع الإنسان في طرق محرمه لاكتسابه، ومن تلك الطرق: الربا الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: آكله، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: “هم سواء”؛ أخرجه مسلم، واللعن هو الطرد والبعد عن رحمة الله، نسأل الله السلامة والعافية. لقد جعل الرسول علية الصلاة والسلام الربا من السبع الموبقات؛ أي: المهلكات في الحديث المتفق على صحته، بل إن الدرهم الواحد منه أشدُّ من الزنا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “درهم ربا يأكله الرجل، وهو يعلم، أشدُّ عند الله من ستةٍ وثلاثين زنية” أخرجه أحمد، وصححه الألباني. وآكل الربا إن تصدق لم يقبل منه؛ لأن كسبه خبيث، وقد قال الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ ” البقرة: 267، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا” أخرجه مسلم. وآكل الربا لا يستجاب له دعاء، ففي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر: “الرجل أشعث أغبر، يطيل السفر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وغُذي بالحرام، فأني يستجاب له” أخرجه مسلم.
وأكل الربا من أسباب سوء الخاتمة، وأكل الربا مجرب إنه من أسباب سوء الخاتمة لآكله، فيفارق الدنيا على أسوءِ حال، منقلبًا إلى أسوء مآل، بسبب ما جمعه من مال حرام. وبعد الموت يكون الربا من أسباب عذاب صاحبه في البرزخ، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤيا الأنبياء حق أنه في شر حاله بعد موته، فقال: “رأيت الليلة رجلان أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم، فيه رجل قائم، وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذ أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع حيث كان” وفي آخر الحديث، قال الملكان للنبي صلى الله عليه وسلم: “الرجل الذي رأيته في النهر آكل الربا”. فآكل الربا يعذب بعد موته بالسباحة في نهر من دم، وتقذف في فيه الحجارة، فتقذف به في وسط النهر، نسأل الله السلامة والعافية. وبعد هذا العذاب يقوم آكل الربا من قبره يوم القيامة، كقيام المجنون الذي مسه الشيطان، قال الله عز وجل: ” الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ” البقرة: 275، قال سعيد بن جبير رحمه الله: “آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونًا يخنق”، وعن الضحاك رحمه الله قال: “من مات وهو يأكل الربا بعث يوم القيامة متخبطًا كالذي يتخبطه الشيطان من المس”.
من موقع الالوكة الإسلامي