يظل واحدا من المكونات الأكثر تفضيلا… السكر “أكبر عدو” للمستهلكين

elmaouid

يغزو يوميات المواطنين ويغير عاداتهم الغذائية ويعزز الإصابة بداء السكري، لكن لا يبدو أن هذه المعطيات تؤثر على التواجد الكبير للسكر في الأفراح والمناسبات على اعتبار أنه يشكل في واقع الأمر “أكبر عدو”

للمستهلكين.

ورغم خطورته على الصحة العمومية، يظل الواقع يقول بأن السكر يظل واحدا من المكونات الأكثر تفضيلا من طرف المستهلكين كونه يدخل في تكوين عديد المنتجات الغذائية، من خلال احتوائه في بعض الأحيان على مكونات بكميات أعلى من المعايير الدولية.

لكن حتى وإن دق مختلف الفاعلين في قطاع الصحة العمومية ناقوس الخطر من أجل التقليل من استهلاك السكر، ما يزال عدد كبير من الجزائريين يرضخون يوميا لتأثير المشروبات الغازية والحلويات وباقي الأطباق التقليدية المتأصلة في بعض المناسبات لاسيما خلال فصل الصيف الذي تتزامن معه حفلات الزفاف مع جميع الانعكاسات السلبية على الصحة التي يمكنها أن تنجم عنها.

وتستدعي العادة بأن تكون لائحة طعام الأفراح على الغالب غنية بالأغذية والأطباق التي تحتوي على سعرات عالية و على كميات كبيرة من السكر على غرار “شباح الصفرة” (أكلة محلاة محضرة أساسا من اللوز) و “الرفيس” (دقيق مدقوق محضر على البخار و يسقى بالزبدة والعسل) أو حتى “المشلوش” (شرائط من العجائن مقطعة ومسقية بالعسل و الزبدة و مرشوشة بالجوز).

وقد اعترفت لـ “وأج” السيدة سامية التي قامت بتزويج ابنها البكر، منتصف شهر جويلية المنصرم، بأنها قامت بتحضير وجبة تقليدية خاصة بمنطقة قسنطينة المعروفة بأطباقها اللذيذة والمحلاة منها “الشخشوخة” و “شباح الصفرة” اللذين نالا إعجاب مدعويها.

فيما يتعلق بالحلويات التي ترافق القهوة، لم تخالف السيدة سامية القاعدة وذلك من خلال تحضيرها -كما ما قالت- للمقروط والبقلاوة وطمينة اللوز وحلويات أخرى محضرة أساسا من الفواكه الجافة والعسل والجوز وذلك حتى تظل “وفية” لعادات المنطقة.

وبعد اعترافها بغنى هذه الأكلات و الحلويات التي تجمع بين السكر والدهون بالسعرات الحرارية، أضافت سامية أنه لم يكن بإمكانها التفكير في تحضير شيء آخر بسبب ثقل العادات والتقاليد المتوارثة جيلا عن جيل وعدم تسامح مدعويها الذين لن يتفهموا أي تغيير غذائي في لائحة الطعام.

 

أطعمة محلاة تستهلك في المناسبات

ويظل استهلاك هذه الأطعمة المحلاة التي لا يمكن الاستغناء عنها في أفراح قسنطينة “مناسباتيا” على عكس بعض العادات الغذائية المنتظمة مثل استهلاك المشروبات الغازية والعصائر، حسب ما أعربت عنه من جهتها حنان قاضي عضو الجمعية الجزائرية للتغذية والمنتسبة لمخبر الأغذية والتغذية والصحة.

“من الصعب إقناع الأشخاص بإحداث تغيير على لائحة طعام أفراحهم، إنه أمر غير مطروح تماما كونه يتعلق بعادات متأصلة بعمق في المجتمع، إلى جانب حقيقة أن المدعوين قد ينظرون نظرة سيئة للأكل المختلف وحتى الخفيف المقدم خلال حفلات الزفاف”، كما صرحت به لـ “وأج”.

واستنادا للسيدة قاضي “يتعلق الأمر باستهلاك يومي يتعين تغييره عن طريق انتهاج تربية صحية بدءا من سن مبكرة”، مسلطة الضوء في هذا الصدد على الأثر الكبير للمشروبات الغازية على الشباب الذين يظلون “جد متأثرين بالإعلانات التي تروج للمزايا المنعشة لهذه المنتجات”. كما شددت في هذا الإطار على أهمية تحسيس السكان بضرورة اعتماد نمط حياة صحي من خلال الجمع بين التنوع الغذائي و النشاط البدني المنتظم.

 

خلق “ثقافة استهلاكية” سليمة ومتوازنة

ومنذ سنة تم إطلاق تدابير مستعجلة من طرف السلطات من أجل التقليص من معدل السكر و الملح أيضا في المنتجات الغذائية، و ذلك في أعقاب ملتقى حول تقليل السكر والملح والمواد الذهنية في الأغذية التي تعد سببا في الإصابة بالسمنة و أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم الشرياني ومشاكل الأسنان.

وكان الهدف من ذلك اللقاء إرساء “ثقافة استهلاكية” سليمة و متوازنة من خلال إطلاع لاسيما صغار السن على ضرورة تناول كميات قليلة من الملح و السكر و المواد الذهنية، و هو الأمر الذي ما يزال لحد الساعة بعيد المنال.

ولدى اقتراب “وأج” من عديد المواطنين أجمعوا على صعوبة تلقين أطفالهم بعض العادات الغذائية السليمة بسبب التأثير الذي ينعكس عليهم في الروضة أو المدرسة، من خلال رؤية زملائهم يلتهمون على سبيل المثال شرائح الشوكولاطة و رقائق البطاطا و العصائر خلال تناول الوجبة الخفيفة.

وفي هذا الصدد كشفت السيدة قاضي عن ضرورة تنظيم “ورشات تدريبية صحية في المدارس” و استهداف الأحياء المحرومة، حيث تكون الظروف المعيشية صعبة لعديد العائلات و من ثمة تفرض عليهم عادات غذائية هشة و مضرة بالصحة.

ويتعلق الأمر -حسبها- بتوعية السكان بضرورة تغيير نظام غذائهم اليومي من أجل “ضمان ديمومته” ومن ثمة تفادي تطور بعض الأمراض المزمنة مثل السكري، وهو نفس الرأي الذي أعربت عنه رئيسة جمعية “نحلة للإعلام و التكوين حول داء السكري” وردة بن سقني زبيري التي أكدت لـ”وأج” أن جانب الثقافة الاستهلاكية السليمة و المتوازنة “يحتل “المكانة الأولى ضمن مخطط عمل الجمعية”.

وقالت في هذا السياق: “منذ 2001 تاريخ تأسيس جمعية نحلة ونحن نعمل على تلقين مرضى السكري و كذا الجمهور العريض ثقافة استهلاكية سليمة دون حرمان و باعتدال مع ممارسة النشاط البدني”.

وأضافت “من الضروري اعتماد نظام غذائي يومي متوازن للوقاية من داء السكري و من مضاعفاته”.