يستغلون إحسان الجزائريين في “العواشر”… المتسولون يغزون مداخل الأسواق وأبواب المساجد

يستغلون إحسان الجزائريين في “العواشر”… المتسولون يغزون مداخل الأسواق وأبواب المساجد

ينتشر عدد كبير من المتسولين عند مداخل الأسواق و أبواب المساجد منذ نهاية شعبان و بداية رمضان، و هو ما يُعرف لدينا بـ “العواشر”، حيث يتمتع أفراد المجتمع بالطيبة والشفقة والرغبة في اكتساب الأجر والحسنات، وهو ما جعل الكثير من المتسولين يتمركزون على أبواب المساجد والمستشفيات و حتى البنوك والمجمعات التجارية على أمل أن ينالوا جزءا من صدقات المواطنين، حيث بات هذا النشاط الصفقة الرابحة لدى الكثيرين من عديمي الضمير إلى حد عدم التفريق بين المحتاج الحقيقي والممتهن لهذه المهنة السيئة.

تشهد العديد من مناطق الوطن زيادة مستمرة وارتفاعا ملحوظا في ظاهرة التسول مباشرة مع بداية الشهر الفضيل، وخرجت ظاهرة التسول من كونها احتياجا مؤقتا للفرد في أضيق الحدود إلى وظيفة يمتهنها البعض في كل الأوقات وتجارة رابحة لهم، بل وتطورت حتى أصبحت عملية منظمة لها هيكل وظيفي وأحكامها وقوانين وأماكن مستهدفة.

 

دعوات بالصيام المقبول لمن يتصدق عليهم

أصبح المتسولون يتنافسون فيما بينهم دون رادع أو حياء وتفننوا بطرق كثيرة واحترافية، وركزوا من خلالها في استخدام الأطفال الصغار والنساء لإثارة العاطفة وابتكروا عبارات وتقنيات جديدة قصد التأثير في نفوس المارة والظفر بشفقتهن، فمعظمهم يستخدم عبارات دينية تدعو للمارة بصيام مقبول وشهر كريم وبالخير والرحمة مثل “لله يا محسنين في شهر الصيام”، إذ أن هناك وجوها من المتسولين لا يظهرون إلا في هذه الفترة من السنة، فالكثير منهم يستغلون أعمال الخير لهذا الشهر الكريم لجمع الكثير من أموال المحسنين وهذا باستعطافهم، خاصة وأن رغبة المواطنين تزداد هذه الفترة في الفوز بأكبر أجر ممكن من الحسنات. وتؤكد أغلبية الدراسات العلمية المتعلقة بالمتسولين أن غالبيتهم مقتدرون، وليسوا بحاجة إلى المال، لكنهم اتخذوا التسول كمهنة للكسب السريع والسهل في نفس الوقت.

 

“العواشر” فرصة مضاعفة المدخول

أصبح جل المتسولين يمتهنون هذه المهنة حتى أصبحت شكلا من أشكال الاستثمار الموسمي، حيث أن الكثير منهم يعيشون حياة الرفاهية و يقيمون في شقق مفروشة بأثمان باهضة، هذا ما يدل على ممارستهم التسول دون حاجة. ويزداد الإقبال على ممارسة هذه المهنة خلال هذا الشهر بسبب استفادة المتسولين من أرباح طائلة، كما أن التسول أصبح له مواسم معينة، في ظل انعدام الرقابة الأمنية في هذه الفترة نظرا لمشاعر الرحمة والإيمان، فضلا عن السخاء و التعاطف الذي يتركه الشهر الفضيل في نفوس الصائمين، كما يستغل المتسولون هذه الفترة بالذات، علما منهم أن هناك نسبة كبيرة من المرضى يستعصى عليهم الصيام بسبب حالتهم الصحية المتدهورة ، فهم مجبرون على تقديم الصدقة لهم، لذا تجدهم يصطفون في طوابير أمام المساجد خاصة بعد صلاة التراويح، أين يستغلون ارتكاز أعداد كبيرة من المصلين في أماكن محدودة قصد استدراجهم واستعطافهم.

 

تزايد أزعج البعض

من خلال محاورتنا لمجموعة من المواطنين حول تفشي ظاهرة التسول في رمضان، لمسنا منهم رفضهم لهذه العادة السيئة المتوارثة لدى الكثير من عديمي الضمير الإنساني.

وقد أكدت لنا الآنسة “نصيرة” التي التقيناها في سوق “ميسونيي” بالعاصمة أن التسول أصبح اليوم حرفة لمن لا مهنة له في ظل الصمت غير المبرر للسلطات المعنية، مما أدى إلى انتشار رقعة ممتهنيها وانتشارها بشكل رهيب بين مختلف الشرائح، إذ يصعب علينا اليوم التمييز بين المحتاج الحقيقي و الممتهن.

من جهته، صرح “محمد ” تاجر أنه خلال شهر رمضان يزداد عدد المتسولين بشكل رهيب، إذ تجدهم في كل الأماكن، فلا تكاد تمشي خطوة واحدة حتى تجد متسولا يحتال عليك بمظهره البائس وعبارته المستميلة للقلوب ، فصراحة أرى أن الكثير منهم لا يستحقون الصدقة لأن المحتاج الحقيقي لن يمد يده للتسول.

من جهة أخرى، صرحت لنا الآنسة “سميرة” أن ظاهرة التسول باتت تشوه سمعة بلدنا، فاليوم كل من هب ودب يفترش الأرض أمام المساجد ويتسول، و الشيء الأدهى، حسب ذات المتحدثة، أن البعض منهم يقاطعك في الطريق و يجبرك على إعطائه مبلغا من المال.

أما “سمير”، فقد اعتبر الأسواق الوجهة الأساسية للكثيرين منهم نظرا للأعداد الكبيرة التي تقصدها يوميا، إذ تعج أسواقنا اليوم بالمتسولين منهم من يفضل البقاء في مداخل الأسواق لاستعطاف المواطنين، ومنهم من يفضل اقتحام السوق ليضرب عصفورين بحجر واحد والغنيمة تكون من صدقات المتسوقين و حتى الباعة الذين يجدون أنفسهم مجبرين على إعطائهم أمام إلحاحهم الكبير.

 

لمياء.ب