تعرف بعض الولايات الجزائرية، خاصة في مناطقها الشعبية انتشارا واسعا لطاولات بيع ثمرة القسطل الشتوية، التي يقبل على شرائها المواطنون من كل الأعمار للذّتها وطعمها الشهي، علما أن هذه الثمرة المنتشرة بكثرة في غاباتنا على غرار غابات القل، سكيكدة، قسنطينة، عنابة وغيرها من مناطق الوطن تؤكل مشوية على الجمر، وهو ما يعطيها نكهة خاصة ومذاقا محببا.
مع انخفاض درجة الحرارة ودخول فصل الشتاء مبكرا، إضافة إلى ظروف الحجر الصحي الذي يفرض على الجميع الدخول مبكرا إلى البيوت، تزينت طاولات الأسواق الشعبية بثمرة القسطل الشتوي، الذي أصبح من الفواكه المطلوبة كثيرا من طرف الصغار والكبار، نظرا لطعمه اللذيذ وفوائده الصحية، فالقسطل المعد على الجمر، ومن طرف أشخاص ذوي خبرة في كيفية وضعه على الفحم المستخلص من أشجار السنديان، التي تغطي مرتفعات المناطق الساحلية والجبلية خاصة في ولايات الشرق الجزائري، له ميزة خاصة خلال أيام البرد.
قساوة التضاريس تتحكم في السعر
عرف سعر الكيلوغرام الواحد ارتفاعا كبيرا، في المدة الأخيرة، بسبب قساوة التضاريس والظروف التي يتم خلالها نزع هذه الثمار الشتوية، والتي تتطلب الصبر الطويل عند البحث عنها في المرتفعات. تعود عملية بيع القسطل في مدينة عنابة إلى سنوات عديدة، فهناك من يسترزق منها ويعيل عائلته، نظرا لتوفرها القوي في السوق، ناهيك عن الإقبال الواسع عليها من قبل المستهلكين ومحبيها، حتى الأطفال والمتمدرسين يفضلون أكلها أكثر من السكاكر، وحسب بائع القسطل المشوي على الفحم، فإن لون ثمار هذه الشجرة بني غامق، ويسمونها ثمرة _الملوك_، نظرا لذوقها الشهي، وكانت تعتبر غذاء كاملا بالنسبة للعائلات الفقيرة، وهي تنافس البطاطا الحلوة من حيث المذاق والعناصر الغذائية التي تتكون منها. من بين فوائد القسطل أنه يعمل على إراحة الأمعاء، ويقوي المعدة ويدر البول، كما يرمم الأعصاب والشرايين، وتوصف هذه الثمرة حتى للحامل، لأنها تتوفر على حمض الفوليك والبروتينات والفوسفور ومختلف المعادن الأخرى، وعليه، فإن أغلب المصابين بأمراض فقر الدم يتناولون القسطل المشوي.
وللسهرات العائلية نكهة مع القسطل
من جهة أخرى، هناك من العائلات من تحبذ شراء كميات من القسطل وإعدادها في المنزل، عندما يجتمع أفراد العائلة حول الموقد في أيام الشتاء البارد، إذ تتزين المائدة بالقسطل وصينية الشاي المرفوقة بالمكسرات، وهناك من يفضل إلى جانب القسطل، البطاطا الحلوة التي تعتبر من العناصر الغذائية المهمة، لاسيما خلال أيام البرد.
تاريخ يعود إلى عشرات السنين
وتعود عادة بيع القسطل في ولايات الشرق إلى عشرات السنين، سيما في فصل الشتاء، حيث يشتري تجار هذه الثمرة القنطار الواحد منها بـ 600 دج من سوق “البوليڤون” ثم يقومون بعد ذلك بتسويقها مشوية في قراطيس لا يتعدى وزنها في الغالب المائة غرام. وتعتبر شجرة الكستناء أو شجرة القسطل من الأشجار كبيرة الحجم، الجميلة المنظر، ولون ثمارها بني غامق بقشور ملساء وجذّابة، والطريف في الأمر أن ثمرة القسطل كانت تؤكل كحلوى بعدما تغطس في ماء الورد، غير أن الشائع عنها الآن هي أن تؤكل مشوية وتؤكل من طرف جميع شرائح المجتمع بدءا بالفقراء إلى الملوك، كما أن القسطل كان في القرون القديمة يعتبر الغذاء الرئيسي في كل بلاد العالم منذ الإغريق والرومان، وحين اكتشفت البطاطا في القرن السادس عشر بأمريكا اللاتينية أخذت مكان القسطل على الموائد العامة.
منافع ومضار
ويرى إبن البيطار الذي عاش في الأندلس في القرن الثاني عشر والذي زار بالمناسبة قسنطينة وبجاية في رحلاته الاستكشافية في علم النبات الذي يعدّ من أعظم علمائه، أن للقسطل فوائد غذائية وصحية عديدة منها أنه يقطع القيء ويفيد الأمعاء والمعدة ويدُرّ البول، ومن مضاره أنه يولّد الريح والنفخ، كما يعتبر علماء النبات أن القسطل ينشّط العضلات ويرمّم الأعصاب والشرايين، وتحتوي هذه الثمرة الشتوية على فيتامين “ح”، حمض الفوليك، فيتامين “ب”، البروتين، الحديد، الفوسفور، الريبو فلامين، الثيامين والمعادن، وهو إضافة إلى ذلك يُقدَّم لمنهكي القوى والنحفاء والشيوخ والمصابين بفقر الدم والقروح والبواسير، ولا ينصح به للمصابين بعسر الهضم والمغص وعلل الكبد والسكري.
ل. ب