يرتديها الجميع من كافة الطبقات والأعمار, “الڤندورة” الرجالية في البيض.. مصدر فخر السكان ورمز عراقتهم

يرتديها الجميع من كافة الطبقات والأعمار, “الڤندورة” الرجالية في البيض.. مصدر فخر السكان ورمز عراقتهم

تعتبر “الجلابة” الرجالية أو ما يعرف “بالڤندورة” أو “القشابية” أحد أهم الألبسة بولاية البيض، حيث تعتبر زيا يرمز للأصالة ومصدر فخر لسكان المنطقة، إضافة لكونها تقيهم من برودة الطقس في فصل الشتاء لما تنزل درجات الحرارة إلى ما دون الصفر.

ويرتدي الڤندورة الرجال من مختلف الفئات العمرية والطبقات والمستويات الاجتماعية خاصة في فصل الشتاء لرمزيتها المتجذرة لدى السكان، حيث يرى البيضيون أن هذا اللباس يمثل أصالتهم ويذكرهم بتاريخ أجدادهم.

 

إقبال ساعد على بعث التنافس

المتجول عبر مختلف مناطق ولاية البيض يلمس مدى الإقبال على ارتداء “الجلابة” خاصة تلك المتميزة بلونها البني. وبفعل هذا الاقبال، فإن المحلات تتنافس فيما بينها في عرض أنواع مختلفة من هذا اللباس لا سيما على مستوى عاصمة الولاية ودوائرها.

 

الڤندورة “الصينية” تهدد المحلية

ولم تعد الجلابة المحلية الصنع الوحيدة التي تسوق بالولاية بعد أن غزت الأسواق أنواع من الجلابة المستوردة من الصين التي تباع بأسعار أقل مما أثر سلبا على حرفة نسجها حسب العديد من التجار.

وذكر تجار يبيعون هذا اللباس أنه بعد غزو الجلابة المصنوعة بالصين، صارت حرفة نسجها محليا “تتلاشى تدريجيا ولم تبق سوى مناطق قليلة جدا تحتفظ بهذا الإرث على غرار بريزينة التي تعتبر أحد أهم مناطق نسيج الوبر والصوف لقربها من الصحراء وكثرة الموالين بها”.

 

غلاء الجلابة المحلية وراء انخفاض الطلب عليها

ويرجع الباعة انخفاض الطلب على الجلابة “المحلية” لعدة عوامل أبرزها غلاء أثمانها مقارنة بتلك المستوردة، بالرغم من أن المحلية تعتبر ذات جودة عالية.

ويتراوح ثمن الجلابة المحلية المصنوعة من وبر الإبل الخالص في سوق البيض ما بين 40 ألف دينار ويصل حتى 120 ألف دينار وهو ثمن “مرتفع جدا” حسب الباعة الذين يرجعون ارتفاع السعر إلى عدة أسباب، أهمها الجودة التي تمتاز بها الجلابة المصنوعة من وبر الإبل الخالص والتي تدوم لسنوات وتضمن الدفء لمرتديها.

ويوجد نوع آخر من الجلابة المحلية وهي تلك المصنوعة من خليط الصوف والوبر والتي يتراوح ثمنها ما بين 20 ألف و 30 ألف دينار، فيما يبلغ ثمن الجلابة المصنوعة من الصوف الخالص ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف دينار، وفق ذات المصدر.

وبفعل هذه الأسعار المرتفعة يتوجه البعض إلى شراء الجلابة المستوردة من الصين التي تشبه في شكلها الجلابة المحلية وتباع بسعر “معقول”، غير أن جودتها لا تقارن بتلك المحلية. ويتراوح ثمن الجلابة المستوردة من الصين ما بين ثلاثة آلاف إلى الخمسة آلاف دينار، حسب باعة هذا اللباس.

غير أنه ورغم هذه المنافسة، فإن الجلابة المصنوعة من الوبر الخالص تعرف إقبالا على شرائها في المناسبات وكذا لتقديمها كهدية ثمينة ذات رمزية كبيرة لصلتها الوطيدة بالمنطقة.

 

جهود لحماية ودعم حرفة صناعة النسيج بالولاية

وتعرف حرفة صناعة النسيج بما فيها صناعة “الجلابة” الرجالية تناقصا في عدد ممتهنيها بسبب توجه المواطنين أكثر إلى شراء المنسوجات المستوردة من الخارج، حسب ما ذكره لـ “واج” رئيس غرفة الصناعات التقليدية بالبيض، عبد الكريم محمودي.

كما تسبب غلق المصنع الوحيد للنسيج الذي كان متواجدا بالولاية خلال فترة التسعينيات في تناقص عدد الحرفيين في المجال بالولاية، علما وأن هذا المصنع ساهم وشجّع كثيرا ربات البيوت في العمل بهذا القطاع، ومنهن من كانت تعمل داخل بيتها في مجال صناعة النسيج من خلال غزل وتنظيف الصوف ومن ثم بيعه للمصنع، يضيف نفس المسؤول.

ويسعى القائمون على غرفة الصناعة التقليدية بالولاية إلى تقديم جميع المساعدات لفائدة الحرفيين بمن فيهم حرفيو صناعة النسيج، الذين يقدر عدد المسجلين منهم لدى الغرفة بـ 72 حرفيا، حسب مدير الغرفة، حسين عميري.

وتعمل الغرفة على تشجيع هؤلاء الحرفيين على عرض منتوجاتهم بالمحلات المتواجدة بالغرفة للترويج لها، كما يرتقب إبرام اتفاقية بين غرفة الصناعات التقليدية وإحدى المؤسسات التابعة للخواص المختصة في بيع والترويج للمنتوجات التقليدية عبر مختلف ولايات الوطن.

وضمن نفس المسعى استفاد 30 حرفيا بالولاية من آلات النسج سنة 2016 في إطار الدعم الموجه للتنمية الريفية، كما يتم تشجيع الحرفيين على فتح مؤسسات مصغرة في المجال لتطوير هذه الصناعة ومرافقتهم في ذلك من خلال تقديم مختلف أجهزة الدعم، كما أشير إليه.

من جانبهم، يسعى مسؤولو قطاع الثقافة والسياحة والصناعة التقليدية والحرف إلى الحفاظ على هذا الموروث المادي المتمثل في “الجلابة” من خلال تنظيم معارض حول اللباس التقليدي بما فيه الجلابة التقليدية خلال مناسبات يتم احياؤها بالولاية.

ق.م