أظهرت ثلاث دراسات علمية أن نقل دم شاب إلى جسم متقدم في السن يمكن أن يوقف عملية الشيخوخة بل وأن يردّها على أعقابها.
اكتشف الباحثون من خلال ثلاث دراسات حديثة أن نقل دم شاب أوقف علائم ترتبط بالشيخوخة مثل ضعف الذاكرة وتردي عملية التعلم وتراجع وظيفة الدماغ وضمور العضلات وهبوط القوة البدنية. وقال العلماء في دراستين من الدراسات الثلاث إن هناك مادة كيماوية في الدم يبدو أنها ترمم الضرر الناجم عن الشيخوخة.
ورغم إجراء الدراسات الثلاث على فئران اختبار، فإن العلماء على اقتناع بأن علاجا تجديديا مماثلا يمكن أن يؤدي مفعوله بالطريقة نفسها مع البشر، ومن المتوقع أن يبدأ العلماء اختبار هذه الطريقة في العلاج سريريا خلال ثلاث إلى خمس سنوات مقبلة.
وقال سول فيليدا رئيس فريق الباحثين الذين أجروا إحدى الدراسات الثلاث في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو “إن الأدلة في أنسجة متعددة أدلة قوية بما يكفي لتبرير محاولة تطبيق البحث على البشر”.
ترميم أضرار الشيخوخة
ويؤكد العلماء أن الشيخوخة ترتبط بتزايد خطر الإصابة بجملة أمراض خطيرة، من السرطان ومرض القلب إلى السكري والخرف. ومع تزايد متوسط عمر الإنسان تتعاظم نسبة الذين يُصابون بهذه الأمراض، ويمكن للعلاج الذي يوقف أو يرمم ما تلحقه الشيخوخة من أضرار في الجسم أن يمنع حدوث أزمة في قطاع الصحة العامة ويؤخر الإصابة بأمراض متعددة بضربة علاجية واحدة.
واعتمدت الأبحاث الثلاثة مقاربة متماثلة لدراسة تأثير الدم الشاب ضد أعراض الشيخوخة بتكوين ثنائيات من فئران مسنّة وأخرى شابة وربط كل ثنائي على غرار التوأمين اللذين يولدان مرتبطين.
واكتشف العلماء أن الدم المتدفق من فئران عمرها ثلاثة أشهر أوقف تردي عمل المخ المرتبط بالشيخوخة في الفئران البالغ عمرها 18 شهرا. ونشأت في الفئران كبيرة السن روابط أقوى بين الخلايا العصبية لأدمغتها. ويعادل الفأر الذي عمره 18 شهرا شخصا عمره 70 عاما.
وقال الباحث فيليدا لصحيفة “الغارديان” إن هناك مادة كيماوية في الدم الشاب تزيل المعوقات التي نراها في المخ الشائخ بالمعنى الحرفي للكلمة. وأضاف “أن الحاجة تدعونا إلى اجراء اختبار سريري لنرى ما إذا كان هذا يسري على البشر أيضا وما إذا كانت هناك آثار لا نريدها”.
وأوضح فيليدا أن وقف أعراض الشيخوخة يرتبط ببروتين بدور الناظم الشامل في المخ. وأن بلازما دم الشاب تجعل هذا البروتين أشد فاعلية ومن شأن هذا تفعيل جينات تعمل على تقوية الروابط بين الخلايا العصبية.
وأظهرت الدراستان الأخريان اللتان أُجريتا في جامعة هارفرد أن عمليات نقل الدم من فئران شابة أسفرت عن تجديد نشاط المخ والعضلات في فئران كبيرة السن. وأن المواد الكيماوية في دم الفئران الشابة حفزت نمو الأوعية الدموية في المخ الشائخ وبذلك تحسين الدورة الدموية فيه. كما زادت عدد الخلايا الجذعية العصبية التي تنمو الى خلايا دماغية. وازدادت في الفئران المسنة التي تلقت دم فئران شابة قوة حاسة الشم وقدرتها على التمييز بين الروائح مثلما تميزها الفئران الشابة. وأظهر العلماء في جامعة هارفرد أن بالإمكان تكرار النتائج المضادة للشيخوخة بحقن بروتين موجود في الدم اسمه جي دي أف 11 تنخفض كميته مع تقدم الفئران في السن. وأعادت الحقن كمية هذا البروتين إلى مستوياته في سن الشباب.
وقالت إيمي ويجرز رئيسة فريق الباحثين في دراستي جامعة هارفرد لصحيفة “الغارديان” إن هذا البروتين مطابق في الفئران والبشر على السواء وهو موجود في دم البشر. وبالتالي فإن هناك سببا وجيها للاعتقاد بأن الطريقة نفسها يمكن أن تُستخدم لمكافحة آثار الشيخوخة في المسنين.
وقال دوغ ميلتون العالم المختص بالخلايا الجذعية في جامعة هارفرد “إن هذا يجب أن يمنحنا أملا بمستقبل أكثر صحة. فنحن جميعا نتساءل لماذا كنا أقوى بدنيا وأنشط ذهنيا في سن الشباب. ولا يبدو أن هناك شكا بأن للبروتين جي دي أف 11 ، على الأقل في الحيوانات، قدرة عجيبة على ترميم عمل العضلات الشائخة والمخ الشائخ”.
ق. م