قال الله تعالى ” يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ” الفجر: 24، من الذي يقول؟ وما المقصود بالحياة؟ وماذا يُقدِّم لها الإنسان؟ هل المشاريع التجارية؟ أم الأموال أم الزروع والحرث، وما إلى ذلك؟. لا، أبدًا… يَقُولُ هذا الإنسان الشقي: يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي؛ أي: يقول حين يرى العذاب ماثلًا أمامه -على سبيل التحسُّر والتفجُّع-: يا ليتني قدمت أعمالًا صالحةً في وقت حياتي في الدنيا؛ لأنتفع بها في حياتي في الآخرة، فالحياة المقصودة حياة الآخرة، فهي الحياة الحقيقية؛ أي: لا موت فيها حياة كاملة من كل وجه، مُستقِرَّة دائمة قال تعالى ” وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ” العنكبوت: 64. أنت في حياة عمل ومراقبة واختبار وابتلاء، وموت وهرم، ومرض، وفقر وغنى… حياة معبر، كراكب استظلَّ تحت ظل شجرة، ثم ذهب وتركها. وفي الآخرة سيكون هناك إمَّا جنَّة أو نار فمن قدم لحياته في الآخرة وعمل لها وأطاع اللهَ ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ سيكون بإذن الله في الجنَّة، ومن أعرض عن ذكر الله وأشغلته دنياه وأمواله وأولاده؛ سيُحشَر أعمى، قال تعالى “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى”، وقال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ” المنافقون: 9. حينئذٍ يندم على ما سلف منه من المعاصي إن كان عاصيًا، ويود لو كان ازداد من الطاعات إن كان طائعًا ولا ينفعه ذاك الندم فكن كيِّسًا فطنًا قال صلى الله عليه وسلم: “الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت”.
موقع إسلام أون لاين