فداك يا فلسطين

يا أهل غزة … لله درُّكم

يا أهل غزة … لله درُّكم

المسلمُ يتأملُ في أوضاع العالَم مِنْ حولِه، ويقرأ التاريخَ على مدى عقود طويلة، يرى أن المسلمين وخاصةً في القرون المتأخرة كانوا وما زالوا يعانون من ابتلاءات وشدائد وبأساء وضراء، استضعفهم أعداؤهم، واحتلوا بلدانهم، ونهبوا ثرواتها، وسرقوا خيراتها، ثم أشغلوها وشغلوها بالفتن والقلاقل والمشكلات التي لا تنتهي، والتي من أسوأ نتائجها القتل والترويع والإفقار والتجويع، فلا تكاد حرب تضع أوزارها في بلد من بلاد الإسلام حتى تقوم حرب في بلاد أخرى، وما زالت وسائل التواصُل والقنوات تنقل لنا مشاهد من هنا ومن هناك، من غزة؛ أرض الرباط والصبر، قتل، وتعذيب، ودماء، وأشلاء، إهانة للشيوخ والعجائز والضعفاء، تدمير وتهجير وتغيير، وتغرير، في مشاهد تقشعر لها الأبدان، وتستدر بها دموع الرجال الأشداء قبل الضعفاء، يراهم العالم المتحضر، ويسمعها بالصوت والصورة، فلكم الله يا أهل غزة، لطف الله لكم، حفظكم بعينه التي لا تنام، رعاكم الله، فأنتم في عين البلاء، فلا دواء ولا كساء ولا غذاء، ولا مأوى لكم من المطر ولا الهواء.

يا أهل غزة: لله درُّكم، وعلى الله أجركم، تفترشون الأرض، وتلتحفون السماء، ترتجف أوصالكم، ترتعد أطرافكم من شدة البرد القارس، فالبيوت مهدمة، والمدارس محرقة، والمساجد والمستشفيات مدمرة، واقع مرير، أقصى والله من الخيال، تتجرعون أقصى أنواع المعاناة، ولأجلكم تسيل دموع العيون، أعانكم الله، رفع الله عنكم هذا البلاء، فقد أخذ منكم الجُهْد والبلاء ما أخذ، فلكم الله، “وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ” يُوسُفَ: 87، وتذكروا قول الله “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” الشَّرْحِ: 5-6، ونحن نعلم أن الكفار على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، كانوا وما زالوا أعداء منابذين للمؤمن، كما قال الحق في كتابه “لَا يَرْقُبُونَ في مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ” التَّوْبَةِ: 10، ونحن اليوم أمة متفرقة؛ لذلك خذلنا، فالاختلاف والتفرق والتباعد والتباغض بين المسلمين هو سبب هلاك هذه الأمة وضعفها، وهو أيضًا سبب تمكين عدوها من رقابها؛ لذلك حذر الله عز وجل من الفُرْقة والاختلاف، فقال في كتابه العزيز “وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” آلِ عِمْرَانَ: 105.