لقد حثَّنا ديننا الحنيف على المحافظة بالبيئة والعناية بالمظهر العام للأرض، ليبقى الكون محافظًا على جماله وسلاماته، وينتفع الإنسان والحيوان وكل الموجودات والمخلوقات بمنافع هذه البيئة، ونهانا عن كل مظاهر الفساد والخراب والتخريب، والفساد في الأرض قد يكون بترك الطاعات وارتكاب المعاصي وبالظلم، وبالتعدي على المصالح العامة ومرافق الناس، وبكل ما يؤذي المسلمين في أنفسهم أو بيئاتهم التي يعيشون فيها؛ قال تعالى: “الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ” البقرة: 27، وقال تعالى: “كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ” البقرة: 60، وقال تعالى: “وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ” الأعراف: 56، وقال تعالى: “وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ” البقرة: 205. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة عن الإفساد في الأرض أو تلويثها بما يضر بكل من يعيش عليها من إنسان وغيره، كل هذه التوجيهات والتحذيرات الإسلامية، توجب علينا أن نحذرَ مِن كل ما يؤذي المسلمين في طرقاتهم وبيئاتهم، ومن ذلك عدم قطع الأشجار وإزالتها إلا لمصلحة وفائدة، وعدم رمي القمامة والقاذورات والمخلفات في طرق الناس وأماكن تجمعاتهم، وحول منازلهم والبعض من الناس لا يبالي برمي أي شيء معه من نوافذ السيارات أو المنازل مباشرة؛ مما يضر بالبيئة والناس.
وهذا كله يدخل في عموم قول الله تعالى: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ” الأحزاب: 58، وفي المقابل أن كل مَن أسهم في مساعدة المسلمين، والبُعد عن كل ما يؤذيهم معنويًّا أو حسيًّا، فإن ذلك طريق موصل إلى الجنة بإذن الله تعالى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: “لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ، فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ”. ومن كرمه جل وعلا وفضله على عباده أن جعل الأعمال التي يقومون بها عباده يؤجرون عليها إذا أخلصوا في ذلك النية، واحتسبوا الأجر ونفعوا وانتفعوا، ومن ذلك غرس الأشجار والمحافظة عليها والانتفاع بها، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ”. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَلَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فَلْيَغْرِسْهَا”. فحافظوا على بيئاتكم وبيوتكم وشوارعكم، وأماكن تجمُّعاتكم، وكل ما يحيط بكم، بالنظافة والحماية والذوق العام.
من موقع شبكة الألوكة الإسلامي