وَقُلِ اعْمَلُوا

وَقُلِ اعْمَلُوا

تميّز المجتمع الذي أقامه الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنوّرة بالحيوية العجيبة رغم بساطة الحياة آنذاك، لم يكن ساكنا بل اسم بالنشاط الديني والدنيوي الحثيث الذي امتدّ في مدة وجيزة إلى جزيرة العرب ثم تجاوزها ليعمّ القارات، وما حدث ذلك طفرة وإنما بإتقان النبيّ عليه الصلاة والسلام لتوظيف جميع الطاقات البشرية والمادية توظيفا علميا منهجيا جعلها تؤتي أقصى ما يمكن نصرة للدين وخدمة للمسلمين… فأين نحن من ذلك؟. إن الإسلام لم يحثّ أتباعه على مجرد الفعل والنشاط والحركة وإنما حثهم على الفعل المجدي والنشاط الأكثر إنتاجا والحركة التي تعطي أقصى ما يمكن أن يعطيه الإنسان ” لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ” سورة الملك 2. ” وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ” الواقعة: 10، 11. ” وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ” التوبة: 105، بعبارة مختصرة يمكن القول إن الإسلام يأمر بالفعالية أي باستخراج أقصى ما يمكن من الفائدة من وسائل “مادية ومعنوية” معينة وهذا يقتضي حتما توجيه الأفكار وتكتيل القوى والطاقات بطريقة متناغمة تجنب الإنسان “سواء الفرد أو الجماعة أو المجتمع” الإسراف في الجهد والوقت وتمكنه من حسن إدارة العقول والسواعد في أحسن الظروف الإنتاجية، ولا يختلف عاقلان في أن بين المسلمين والفعالية مسافة واسعة في العصر الحديث، بل وبينهما جفاء غريب أنشأته عقلية عصور التخلف كانت التي تؤصل للجبرية وللمفهوم الشعائري البحث للإسلام الذي يلغي البعد الحضاري لهذا الدين. إن الله تعالى يحب النفس البحاثة عن الخير، الداعمة لأعمال البر، يحب النفس الباذلة الصانعة التي تحاول الإفادة والنفع عند كل فرصة؛ فكن فاعلاً ولا تستهن بعمل يكسبك أجرًا من الله تعالى، ولو كان قليلاً فهو عند الله كبير، لا تستهن بعمل يكسبك أجرًا ولو لم يثمر: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها”. لا تستهن بهذا العمل؛ فلْنكن فاعلين إذًا، إذا وجدنا فرصًا للخير؛ فلماذا نتركها؟! وإلا؛ فما الذي أكسب عمْر المسلم ووقته القيمة الثمينة التي يحسد عليها من بين الناس؟! اللهو واللعب؟! النوم والكسل؟! السلبية والإحجام؟!.

موقع إسلام أون لاين