ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق

ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق

لقد كثُرتْ حوادث القتل في وقتنا المعاصر للأسف، وقد حذَّر النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه من ذلك غاية التحذير؛ فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي بكرة أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ”، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: “إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ”، وروى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ”. لعلَّ من أسباب القتل الذي كثُر كما تقدَّم، المشاجرة والخصام التي تحدث بين الطرفين، وتؤدي في النهاية إلى القتل، والشيطان يُؤجِّج ذلك؛ قال تعالى: ” وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ” الإسراء: 53.

وفي صحيح مسلم من حديث جابر رضي اللهُ عنهما أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ”، وروى البخاري ومسلم من حديث عبد اللَّه بن مسعود أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ”. ومنها الرغبة في الحصول على المال بأي طريقة كانت، فكم من حوادث قتل واختطاف واقتحام لبيوت المسلمين كل ذلك من أجل المال! روى الترمذي في سُنَنِه من حديث عياض بن حمار أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ”. ومنها استعمال الخمور والمخدِّرات، فكم من أعراض قد انتُهِكَتْ! وكم من دماء قد سُفِكَتْ! وكم من أرحامٍ قد قُطِعَتْ بسببها! وصدق اللَّه إذ يقول: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” المائدة: 90. ومنها قلة الخوف من اللَّه، فإن تقوى اللَّه تبعث على فعل الطاعات، وترك المعاصي؛ كبيرة كانت أو صغيرة، فكيف بالقتل وهو من أعظم الذنوب عند اللَّه؟! قال تعالى: ” قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ” الأنعام: 15، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ”، وذكر منها: “وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ”.