دعونا نلقي نظرة واحدة للمقارنة بين الدنيا والآخرة – ولا مقارنة – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يؤتى بأنعمِ أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا بن آدم، هل رأيت خيرًا قط؟ هل مرَّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا، والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا بن آدم، هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مرَّ بك شدة قط؟ فيقول: لا، والله يا رب ما مرَّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط”؛ رواه مسلم. نعم واللهِ ولأجرُ الآخرة خيرٌ ولدارُ الآخرة خيرٌ، فهذا آخر من يدخل الجنة فما هو مُلكه فيها وهو أقل أهلها منزلةً؟ يقول الله له: “اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها” رواه البخاري ومسلم. يا ألله، مثل الدنيا وعشرة أمثالها لرجل واحد، هذه الدنيا التي شغلت الناس، عليها يتنافسون، وبها ينشغلون، يُعطى أقلُّ الناس منزلةً عشرة أمثالها، وليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء.
نعم واللهِ ولأجرُ الآخرة خيرٌ ولدارُ الآخر خيرٌ، كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم: “لو أن ما يُقِلُّ ظُفُرٌ مما في الجنة بدَا، لتزخرَفت له ما بين خوافق السماوات والأرض، ولو أن رجلًا من أهل الجنة اطَّلع فبدا أساورُه، لطمَس ضوءَ الشمس كما تطمِس الشمسُ ضوءَ النجوم” رواه الترمذي، وصحَّحه الألباني. نعم والله ولأجر الآخرة خيرٌ، ولدار الآخر خيرٌ، كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم: ” ولقاب قوس أحدِكم من الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءتْ ما بينهما، ولملأتْه ريحًا، ولنصيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها” رواه البخاري. فكيف ننشغل عن دار هذا بعض وصفها، ولقد نبَّهنا الله عز وجل إلى حقيقة دارنا التي نعيش فيها؟ فقد قال سبحانه ” وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ” آل عمران: 185.