سيكون عشاق الفن الرابع على موعد، الخميس والجمعة المقبلين، مع مسرحية “جنازة أيوب” على خشبة المسرح الوطني الجزائري للمبدع أحمد رزاق، وبطولة العديد من الوجوه المعروفة يتقدمها حميد عاشوري وحورية بهلول، ليندة سلام وبريبر.
فمن هو أيوب الذي سنشهد جنازته قريبا، والذي يتبادر إلى الذهن فورا “لمجرد قراءة الاسم” أنه الإنسان الذي كابد معاناة الحياة وصبر على ذلك صبرا يفوق الخيال، وأن جنازته ليست مجرد مراسم وفاة وإنما هي مراسم رمزية تصب كلها في الدفاع عن المرأة ضحية التناقضات الاجتماعية في قالب كوميدي هزلي برسائل هادفة. في دليل رؤية المخرج يقال إن المسرح لوحة تشكيلية متحركة تُصنع من تفاصيل المكان والصورة والضوء، لذا “فالتوقع” هنا أن العرض المقصود لا يكتفي بمعنى موضوعي مجرد، لكنه ربما يفتح أمام المتفرج مساحة تأمل بصرية وجودية شاسعة.
الأستاذ رزاق معروف بتركيزه على الواقع القاسي، كتجربته في “الصاعدون إلى الأسفل” التي عرض فيها الواقع الاجتماعي من خلال هزءٍ مأساوي. لذلك فإن جنازة أيوب “يمكن” أن تعكس وراء الجنازة الفردية، جنازةً جماعية، كموت القيم والأخلاق والبراءة وموت كل ما هو جميل في حياتنا بأسلوب يستخدم فيه المخرج الكوميديا السوداء. وفيما يتعلق بالتكوين البصري والإيقاع الحركي ونظرا لاهتمام الأستاذ رزاق بالسينوغرافيا باعتبارها قلب المسرح (كما في ملحمته روح الجزائر على سبيل المثال)، فإن العرض سيكون محاطا بفضاء بصري يستدعي: الصمت، الظلال، الانتظار، اللهفة، وربما أيضا الحركة البطيئة أو الصورية كدلالة على الانتظار المُر أو على التحول من حالة إلى أخرى.
وسيطرح هذا العمل المسرحي سؤالين فلسفيين إن لم يكن أكثر أولهما: ماذا يبقى من الإنسان حين يدفن أيوبهُ.. وثانيهما: ما الذي يبقى بعد الجنازة.. هل هو المعنى المغرق بالتأمل؟ هل هو الصمت المشبع بالقهر؟ أم هي الذكريات المؤلمة والأحلام الضائعة، أم هي الذكريات المفرحة التي تغتالنا في الأمسيات؟
والمعروف أيضا أن المبدع رزاق يحول المسرح من مجرد حوارات وكلام إلى تجربة حسية وجودية، وأكيد أنه سيمنح جمهور المتلقين الفرصة للتماهي مع أيوب وجنازته رمزيا أو حرفيا، لنصرخ بصوت صمتنا المشروخ بسؤالنا الخاص عن الوفاء والقيم، عن الموت والفقدان، عن الرحيل والغربة، عن الخيانة والبطولة، وعن اغتراب الذات عن ذاتها.
ب\ص