وقفات مع وباء كورونا المستجد

وقفات مع وباء كورونا المستجد

إن مما ابتُليت به البشرية جمعاء في مثل هذه الأيام العصيبة الشديدة ما يسمى بـ”وباء كورنا المستجد”، الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية وباء وجائحة عالمية، وإن هذه النازلة والفاجعة التي حلت على الناس أوقفت الحياة الطبيعية الاعتيادية للبشرية كلها، وجعلتهم يعيشون في حالة استنفار دائم، وهلع وخوف ووجل واضطراب، لذا كان لزامًا أن نقف أمام هذا الحدث الجلل والخطب العظيم وقفات شرعية، ونبين بعضًا من القضايا والمسائل المهمة، وبالله التوفيق والسداد.

أولًا: إن الذي أصاب الناس عمومًا من بلاء ووباء إنما هو مكتوب ومقدر عليهم في اللوح المحفوظ من ربهم وخالقهم سبحانه وتعالى، فكل ما يقع في هذا الكون هو تحت مشيئته وقدره سبحانه جل وعلا؛ قال الله تعالى: ” قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ” التوبة: 51.

ثانيًا: إن الكاشف لكل شدة وضرر، وهمٍّ وحزن، ومصيبة وبلاء هو الله ربنا وخالقنا ومولانا سبحانه وتعالى، جلت قدرته، وتعالت أسماؤه وصفاته، وأن المنعم والمتفضل على العباد بالسعادة والسرور والعافية والرخاء هو الله ربنا سبحانه وتعالى، ولا يقدر أحد من الخلق أن يحول بينك أيها العبد وبين ما أراد الله تعالى لك من خير وعافية، أو ابتلاك بضر وبلاء، نسأل الله تعالى السلامة والعفو والعافية؛ قال الله تعالى: ” وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” يونس: 107.

ثالثا: الرجوع إلى الله تعالى والتوبة إليه من المعاصي: قال الله تعالى: ” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ” الروم: 41. بمعنى: إذا ظهر الفساد في البر والبحر، كالجدب وقلة الأمطار وكثرة الأمراض والأوبئة؛ وذلك بسبب المعاصي التي يقترفها البشر؛ ليصيبهم بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها في الدنيا؛ كي يتوبوا إلى الله سبحانه ويرجعوا عن المعاصي، فتصلح أحوالهم، وتستقيم أمورهم.

رابعا: إن الأصل إذا وقعت بالأمة نازلة ومصيبة أن يرد الأمر فيها إلى أهل الشرع وأهل العلم، والرأي والنصح، والعقل والرزانة، والخبرة والاختصاص؛ فهم الذين يعرفون الأمور ويقدرون المصالح والمفاسد، والمنافع والمضار، ويستخرجون بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة ما هو صالح لعموم الأمة؛ قال الله تعالى: ” وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ” النساء: 83.