يتحدث الناس عن ظاهرة غلاء الأسعار، ويُلْقُون التُّهَم يمنةً ويسرة، ويضعون الحلول والآراء، ويناقشون الأسباب والمسببات، وثمة سبب نتغافل عنه، ألا وهو فُشُوُّ الذنوبِ والسيئات والتهاون في الفرائض والواجبات، أما علمنا أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة؟! ” وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ” الشورى: 30؟!، أما نذكر قول الله تعالى: ” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” الروم: 41. فالذنوب والمعاصي ومخالفة أوامر الله والتعدي على حدوده سبب في ضيق المعايش ونقص الأرزاق؟! قال صلى الله عليه وسلم: “إن الرجل ليحرم الرزق بسبب الذنب يصيبه”. فيجب علينا أن نحاسب أنفسنا؛ ونعود إلى ربنا؛ بالتوبة والاستغفار؛ والإنابة والاستقامة؛ والتضرع والدعاء، فنؤدي فرائضه؛ ونترك ما حرمه؛ ونقف مع حدوده؛ ونسأله أن يعيننا على أمور ديننا ودنيانا؛ وأن يكشف عنا هذا الغلاء؛ وأن يبارك لنا فيما رزقنا.
فذنوبنا هي التي جلبت لنا هذه المصائب، ما نزل بلاء إلا بذنب ولن يرفع إلا بتوبة، فارتفاع الأسعار ورُخصها بيد الله تعالى، فمن صفاته جل وعلا أنه يبسط ويقبض، ويرفع ويخفض، ومن ذلك أنه يبسط الأرزاق ويُكثرها، فترخص أسعارها، ويقبض الأرزاق ويقللها، فترتفع أسعارها، فإذا كانت الأسعار بيد الله سبحانه، هو المتصرف فيها كما يشاء، فعلى العباد أن يعلِّقوا قلوبهم بالله ويتوبوا إلى الله تعالى فهو القائل: ” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ” الأعراف: 96، هذا واحد من السلف الصالح رحمهم الله قيل له: غلت ا_سعار قال: ” أخفِضوها بالاستغفار”. فعلينا أن نكثر من الاستغفار حتى يرفع الله عنا هذا البلاء والغلاء الذي حلَّ بنا؛ قال تعالى ” فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ” نوح: 10، 12. فكونوا على يقين أنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولن يرفع إلا بتوبة صادقة إلى الله تعالى.