وقت التوبة

وقت التوبة

المؤمنُ ليس معصومًا من الخطيئة، وليس في منأًى من الهَفوة، وليس في معزلٍ عن الوقوع في الذنب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والذي نفسي بيده؛ لو لم تُذنِبوا لذهبَ الله بكم ولجاء بقومٍ يُذنِبون فيستغفِرون اللهَ فيغفِرُ لهم” أخرجه مسلم. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كل بني آدم خطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوَّابون” أخرجه أحمد. وإن الشعور بوطأة الخطيئة، والإحساس بألم الجريرة، والتوجُّع للعثرة، والندم على سالف المعصية، والتأسُّف على التفريط، والاعتراف بالذنب هو سبيل التصحيح والمُراجعة، وطريقُ العودة والأَوبة، وأما ركن التوبة الأعظم، وشرطُها المُقدَّم فهو: الإقلاعُ عن المعصية، والنُّزوع عن الخطيئة، ولا توبة إلا بفعل المأمور، واجتناب المحظور، والتخلُّص من المظالم، وإبراء الذمَّة من حقوق الآخرين.

التوبةُ صفحةٌ بيضاء، وصفاءٌ ونقاء، وخوفٌ وحياء، ودعاءٌ ونداء، وخشيةٌ وبكاء، وخجلٌ ووَجَل، ورجوعٌ ونُزوع، وإنابةٌ وتدارُك، بابُها مفتوح، وخيرُها ممنوح ما لم تُغرغِر الروح؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه “لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تُبتم لتاب الله عليكم” أخرجه ابن ماجه. وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “قال الله تعالى: يا عبادي! إنكم تُخطِئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم” أخرجه مسلم. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “قال الله تعالى: يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي، يا ابن آدم! لو بلغَت ذنوبُك عنانَ السماء ثم استغفرتني غفرتُ لك، يا ابن آدم! إنك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا، ثم لقيتَني لا تُشرِك بي شيئًا لأتيتُك بقُرابها مغفرة” أخرجه الترمذي. يا له من فضلٍ عظيم، وعطاءٍ جسيمٍ من ربٍّ كريمٍ وخالقٍ رحيم، أكرمنا بعفوه، وغشّانا بحلمه ومغفرته، وجلَّلنا بسِتره، وفتح لنا باب توبته، يعفو ويصفح، ويتلطَّفُ ويسمح، وبتوبة عبده يفرَح، يبسُط يدَه بالليل ليتوب مُسيءُ النهار، ويبسُطُ يدَه بالنهار ليتوبَ مُسيءُ الليل، حتى تطلُع الشمسُ من مغربها، غافرِ الذنب، وقابلِ التوب.