وعود مصالح الولاية بترحيلهم سقطت في الماء… قاطنو أحواش الرويبة معلّقون إلى حين الإفراج عن عقود الملكية

وعود مصالح الولاية بترحيلهم سقطت في الماء… قاطنو أحواش الرويبة معلّقون إلى حين الإفراج عن عقود الملكية

تركة المعمرين تتحول بعد أكثر من نصف قرن إلى قصدير وبناء فوضوي

خابت آمال قاطني أحواش الرويبة بشرق العاصمة التي علّقوها على تصريحات الوالي عبد القادر زوخ الذي وعدهم بترحيلهم نحو سكنات لائقة، فور طي صفحة الأحياء القصديرية التي يبدو أنها استهلكت الأغلفة المالية الموجهة لإعادة الاسكان لما حمله الملف من شوائب كثيرة ما تزال تستنزف الحكومة، وتم التركيز مؤخرا على النقائص الكثيرة التي يعانون منها بسبب حرمانهم من عقود ملكية تسمح لهم بإحداث تغييرات على سكنات أكل عليها الدهر وشرب وأضحت أقرب إلى مباني قصديرية منها إلى منازل كانت قبل أكثر من 50 سنة مساكن للمعمرين، معتبرين أن التجاهل الذي سلط ضدهم على مدار سنوات جعلهم مجرد سكان لمنطقة تفتقر لقنوات المياه الصالحة للشرب والإنارة العمومية والغاز وغيرها من الاحتياجات اليومية.

 

تسوية الوضعية الاجتماعية هي أقصى ما يدعو إليه سكان الأحواش ببلدية الرويبة، بعدما تلاشى حلم الاستفادة من مساكن “الدوبلاكس” التي وعدهم بها الوالي عبد القادر زوخ في أعقاب الزيارات الميدانية التي قادته إلى هذه الفئة من طالبي السكن قبل سنوات، وأضحوا يشددون على تلبية احتياجاتهم اليومية من تعبيد للطرقات ومدّهم بقنوات الماء والغاز ومعها تمكينهم من الإنارة العمومية، والأهم منها جميعا تمكينهم من عقود ملكية تسمح لهم بالتصرف في منازل بلغت من الاهتراء درجة متقدمة دون أن يتمكنوا من ترميمها واكتفى الكثيرون بإضافات جعلت منها بيوتا قصديرية، كما لم يتوانوا في طلب إعانات مالية لتحقيق هذا الحلم تعويضا من مصالح ولاية العاصمة عن تخلفها في ترحيلهم نحو سكنات لائقة، سيما أن الوالي أقر بأحقيتهم في التنقل نحو سكنات جديدة، وأن العائق وقتها لم يكن إلا الوقت وهو الفترة الزمنية التي تسمح للسلطات بالقضاء النهائي على السكن القصديري، وهو ما لم يتحقق بعد رغم الجهود المبذولة منذ جوان 2014.

 

أحواش مأهولة محرومة من المرافق الخدماتية

ما تزال أحواش بلدية الرويبة مرهونة بالتجاهل المسلط ضد ساكنيها الذين ضاقوا ذرعا من المطالب الكثيرة التي رفعوها، والتي اتفق حتى المسؤولون على مشروعيتها سيما وأن مساكنهم قديمة وتعود فترة إنشائها إلى الحقبة الاستعمارية، التي كانت آنذاك عبارة عن قصور كولونيالية ومزارع شاسعة للكروم والحمضيات، استغلّها المعمّرون الذين قدموا من مختلف الدول الأوروبية، واشتغل بها الفلاحون الجزائريون، أو كما كان يطلق عليهم في تلك الفترة بـ “الخماس” وبعد الاستقلال ذهبت ملكية تلك الفيلات والأراضي إلى الفلاحين الجزائريين الذين واصلوا العمل فيها إلى غاية يومنا هذا، ليبقى الإشكال الذي يستمر في طرح نفسه بإلحاح هو أسباب عدم تسوية وضعيتهم القانونية من جهة، كما أنّهم ما زالوا يعانون من غياب أدنى المرافق الخدماتية وانعدام تام للتهيئة الحضرية، كل هذا جعل قاطني تلك الأحواش يطالبون في العديد من المرات الجهات الوصية بالنظر في انشغالاتهم وبالتحديد ما يتعلّق بتسوية وضعيتهم القانونية التي تبقى شغلهم الشاغل.

 

الطرق الترابية قدر سكان الأحواش بالرويبة

تشكو منطقة الأحواش بالرويبة من شلل شبه تام في الأشغال العمومية، ويكفي التنقل إلى المنطقة حتى تتبين درجة التهميش الذي تعاني منه في غياب تام للتنمية، فالسكان يشكون على مدار سنوات من التدهور الكبير في شبكة الطرق، حيث ما تزال بعض الأحياء بها بمسالك ترابية، وهو الأمر الذي بات يحوّل حركة السير بها في الأيام الماطرة إلى شبه مستحيلة سواء بالنسبة لأصحاب المركبات أو حتى الراجلين، كما تطرق السكان خلال طرحهم لانشغالاتهم لمشكل تردي قنوات الصرف الصحي خاصة بعد أن اهترأ جزء كبير منها، وهو ما بات يتطلب إعادة تهيئة شاملة على مستوى كافة الأحياء، حيث أكد بعض المشتكين أنها تعد السبب الرئيسي وراء عرقلة مشروع تهيئة الطرق كونه من غير المعقول أن يتم الانطلاق في إعادة تعبيد الطرق دون البدء بقنوات الصرف الصحي، التي تعرف انسدادا تاما للبالوعات والتي يستحيل مرور المياه عبرها ما ينذر بكارثة حقيقية، إلى جانب ذلك فإن انسدادها جعل النفايات تتراكم حولها ومعها الحشرات التي ساهمت في انتشار الروائح الكريهة، وهو ما جعلهم يطالبون بإيجاد حل للوضع.

 

تسوية الوضعية الإدارية حلم يأبى التحقق

تزداد الأصوات الداعية إلى الالتفات للعوائق الإدارية التي تحول دون تمتع سكان الأحواش بحياة طبيعية وإعلان الحاجة الماسة إلى الاستجابة لها، فلا مكان لمواطن جزائري محروم من عقود ملكية تسمح له بالتصرف في مساكن قطنها منذ عقود، ملخصين مشكلتهم في هذا النقص الذي منعهم من التصرف في أراضيهم ولا حتى إنجاز سكنات لائقة، إذ وبالرغم من كون المجالس المنتخبة وعدتهم بذلك سابقا، غير أن الأمر بقي مجرد وعود تأبى التحقق على أرض الواقع، ونظرا لهذه الظروف المستعصية التي يوجد عليها السكان، توجهوا مجددا بندائهم إلى والي ولاية الجزائر لمطالبته بالتدخل وتمكينهم من عقود الملكية لسكناتهم التي يقيمون بها لفترة فاقت الـ 30 سنة، حيث دعت بعض العائلات المقيمة، السلطات المحلية إلى تمكينهم من الأراضي التي يقطنون بها تعويضا لها عن التخلي عن حلم الترحيل لشقق مجهزة.

 

السكان محرومون من أساسيات الحياة

يفتقر سكان الأحواش لكثير من الأساسيات بسبب تواجدهم في حيز غير معترف به في الحظيرة العمرانية، فهم يشكون من مشكل الإنارة العمومية التي تنعدم بشتى الأحواش، نتيجة الأعطاب التي مسّتها منذ فترة دون إصلاحها لحد الآن، ما بات يثير مخاوف السكان من خطر الاعتداءات والسرقة التي قد تطال أبناءهم، حيث يضطرون إلى الخروج في الصباح الباكر وقطع المسافات الطويلة في الظلام من أجل اللحاق بمدارسهم، كما يشتكون من مشكل غياب الغاز الطبيعي الذي يعتبر من الضروريات، الأمر الذي جعلهم في رحلة بحث دائمة عن هذه المادة الحيوية، كما أعرب السكان عن امتعاضهم الشديد من الوضع المزري الذي يعيشونه منذ سنوات عديدة، مع ندرة هذه المادة خاصة في فصل الشتاء.

وفي هذا السياق، أوضح عدد من المواطنين أن الوضع بات لا يحتمل، خاصة وأنهم يتكبّدون مشقة كبيرة للحصول على هذه المادة الحيوية، مبدين استياءهم الشديد من سياسة التهميش واللامبالاة التي تنتهجها السلطات المحلية ضدهم، رغم الشكاوى الكثيرة التي تقدّموا بها إلى المصالح المختصة، وأضافوا أنهم سئموا من الوعود الكثيرة التي يطلقها المسؤولون في كل مناسبة، دون أن يتم تجسيدها على أرض الواقع.

 

النفايات تغزو أركان الأحواش ولا آذان صاغية للمشاكل البيئية

ضاقت العائلات القاطنة بأحواش الرويبة ذرعا من الانتشار الكبير للنفايات التي لم تستطع التخلص منها تقليديا لافتقارها للإمكانيات في مقابل تباطؤ عمال النظافة في تأدية مهامهم في هذه المنطقة التي هي فلاحية وزراعية أكثر منها حضرية، ما ساهم بشكل كبير في تدني الوضع البيئي لتشكل القاذورات ديكورا كارثيا بالمنطقة، ناهيك عن الانتشار الفادح للروائح الكريهة المنتشرة في الفضاء والحشرات الضارة التي تشكل خطرا على حياة السكان خاصة الأطفال منهم، أين تنتشر الأوبئة والأمراض، في مقابل اهتراء قنوات الصرف الصحي وهذا لتآكلها مع مرور الوقت وهو الوضع الذي أدى أيضا إلى انتشار الروائح الكريهة والأمراض المزمنة في أوساط العائلات.

وأكد السكان أن الحشرات الضارة والقوارض تقاسمهم العيش في سكناتهم، وهو ما أثار الخوف في نفوس السكان على فلذات كبدهم من تعرضهم للدغات الأفاعي التي تنتشر من حولهم.

 

السلطات المحلية عاجزة عن إيجاد الحل

لم يجد مسؤولو المجلس البلدي للرويبة حلا لانشغالات سكان الأحواش أمام عجز السلطات الولائية التي تسرعت في تقديم وعودها، وأقروا بصعوبة المهمة التي أوكلت إليهم لتسوية الملف الذي وصفوه أكثر من مرة بكونه نقطة سوداء، ورغم أنهم حاولوا إلقاء الكرة في ملعب مصالح زوخ إلا أن محاولاتهم جميعها باءت بالفشل أمام التعقيدات المفروضة، خاصة أمام تزايد عدد قاطني هذه الأحواش بمرور السنوات ومن هؤلاء من احتل المساكن خلال التسعينيات فقط وحولها إلى قصدير من نوع آخر، ليبقى ملف الأحواش النقطة السوداء دون إيجاد حل للقاطنين بها، فباتت السلطات حائرة حول كيفية تسوية وضعية قاطنيها والتعامل معهم سواء بإطلاق وعود بتطبيق مشروع “الدوبلاكس” أو بانتهاج الصمت وإلقاء المسؤولية على سلطات العاصمة التي يبدو أنها ألقت بالمنشفة وأعلنت استسلامها نظرا لصعوبة وضعيتها.

إذ باتت مساعي المجلس البلدي، المبتلى بالأحواش صعبة لحل مشكلة تلك العائلات التي يبقى حلمها في الظفر بسكن لائق عالقا لحد الساعة، إذ وبالرغم من مرور ثلاث سنوات عن إعلان والي ولاية الجزائر، عبد القادر زوخ، بتسوية وضعية الأحواش وإنجاز مكان تلك القصور سكنات من نوع “دوبلاكس” في خطوة قال عنها المتتبعون المحليون إنها جريئة للقضاء على كل ما يشوه “البهجة”، غير أن المشروع اكتنفه الكثير من الغموض، في ظل عدم وجود أي بصيص أمل يوحي بإمكانية تحقق الوعود التي يبدو أنها أطلقت في وقت البحبوحة المالية واستحال تحقيقها مع دخول البلد سياسة التقشف.

 

روبورتاج: إسراء. أ