وصفه بالعجوز المشاكس… واسيني الأعرج يرثي الروائي الأمريكي اليهودي روث

elmaouid

في مقاله الأسبوعي بيومية “القدس العربي”، رثا الأديب الجزائري واسيني الأعرج الروائي الأمريكي اليهودي الكبير فيليب روث الذي توفي على إثر سكتة قلبية، عن عمر يناهز 85 سنة، واصفا إياه بـ “العجوز المشاكس”

الذي أخطأته جائزة نوبل.

وكتب واسيني في هذا السياق: “حصوله على الجائزة كان حتماً سيشرفها، ويجعلها تعلو وتسمو، لكن حساباتها الضيقة تضع دوماً سداً منيعاً بينها وبين الكتّاب الكبار الأحرار. فقد ظهر على الكثير من قوائمها، لكنها في كل مرة تخطئه، كما أخطأت قبله مارسيل بروست، سيلين، بورخيس، إيطالو كالفينو، ريلكه، فيرجينيا وولف، طه حسين، لوركا، حنا مينه، وغيرهم، ربما لأن لغتهم لا تتناسب كثيراً مع النموذج الذي تريده هذه المؤسسة وتسعى إلى إشاعته وترسيخه”.

وأضاف منتقدا القائمين على جوائز نوبل “عقلية نوبل لم تتغير مطلقاً وحساباتها السياسية متوقفة أيضاً عند حدود ميتة تنتصر فيها لمنطقها الذي يسجنها، بدل الانتصار للأدب وكثيراً ما فاجأت متابعيها كأن تعطيها لمغنٍ شعره لا يرقى إلى شعراء العصر. وهذه السنة حجبتها بكل بساطة، لخلاف داخلي؟ أم أنها لم تجد ولا كاتباً يستحقها؟ مع أن الأسماء العالمية التي تتكرر سنوياً عليها كثيرة”.

وتابع: “لهذا لم ينشغل فيليب روث بها كثيراً. أهملها لأنه كان يعرف بأنها لن تُمنح له إلا إذا باع حريته في نقد الدين والجنس والسياسة الأمريكية. وظل يكتب بلا التفات إلى الوراء ولا يولي أي انتباه لمقاسات الجوائز. فقد عالجت أعماله الأدبية، التي بلغت الثلاثين، الإنسان في مختلف تحولاته الصعبة داخل مجتمع يربّي البشر على الكذب والجريمة والنفاق، ببعد ديني أو مصلحي أو عنصري”.

وشدد الروائي الجزائري الكبير بأن فيليب روث اتهم بمعاداة السامية لأنه انتقد الطبقة الوسطى اليهودية الأمريكية التي تربّى فيها ويعرفها جيداً. وأوضح مفسرا: “كانت حريته اللغوية من أكبر رهاناته الأدبية، ولم تمنعه لا التقاليد ولا الأديان من أن يكون كما أراد. فقد تحدث بشكل عار عن الإنسان في تحولاته مع المرض ومع الخساسة والخيانات والخوف والأطماع. صراحته تلك، جلبت له الكثير من الأعداء، وردود الفعل السيئة كانت ربما هي السبب الذي منعه من الحصول على نوبل. فقد اتهم من أصدقائه ومحيطه الديني اليهودي، بمعاداة السامية لدرجة أن أطلق عليه اسم “اليهودي المعادي للسامية” وهو أمر كان قاسياً عليه، ولكنه تخطاه. معظم أعماله تتناول شخصية الأمريكي اليهودي في مجتمع ليس دائماً رحيماً. فهو حفيد مهاجر من أوروبا الشرقية، وتعرف على كل السلوكيات اليومية.انتقدها بجرأة في علاقتها بالحياة والمال والأنانية، من خلال أسلوب عنيف ومباشر ضد العفة الأمريكية الكاذبة. لم يتوان عن استعمال سلاح السخرية. تناول الجنس بحرية وأظهر كل العقد التي تتخفى من وراء الدين. وهو ما جعل الأوساط الدينية اليهودية أيضاً تقوم ضده بكل أدواتها التي جعلت منه اليهودي السيىء. وأصبح المتهم رقم واحد دينياً، واعتبر من المرتدين. وقد طالب الكثير من الحاخامات بإسكاته. وحتى نعته بالعدو، والمعادي للسامية”.

واستطرد ناعيا الكاتب الراحل: “أحد الحاخامات صرّح بأنه لو كنا في القرون الوسطى لكان لليهود معه شأن آخر. كانت هناك نية حقيقية لدفنه تحت الصمت لأن إشاعة أنه كان معادياً للسامية حرمته أيضاً من نوبل كما حرمت قبله سيلين، وهو أمر يطرح على الكتابة جانبها الأخلاقي: هل الجائزة تعطى لنص ناجح أم لخطاب ايديولوجي؟ وإذا كانت معاداة السامية عند سيلين واضحة، ليس في كتاباته الروائية ولكن في هجائياته التي لخصها في كتابين أساءا له عبر التاريخ، لكن ذلك لم يمنعه من الدخول في لابلياد مع عدم نشر كتابيه المعاديين للسامية، كما دخل روثمان، منذ فترة وجيزة إلى البلياد التي تشكل ذاكرة البشرية الأدبية. يبقى من الصعب اتهام فيليب روث بمعاداته للسامية لأنه لم يكن كذلك”.

ب/ص