فصل وزير العدل، لطفي بوجمعة، في مسألة قانونية استعمال مقاطع الفيديو التي توثق حوادث وجرائم عبر مواقع التواصل الاجتماعي كأدلة في القضاء الجزائري.
وفي رده عن مساءلة برلمانية للنائب جدو رابح، قال وزير العدل “إن استغلال فحوى الفيديوهات التي تثبت وقائع إجرامية كدليل أمام الجهات القضائية موقوف على مدى مشروعية هذه الفيديوهات، بحيث أولى المشرع عناية خاصة لحماية حرمة الحياة الخاصة للأفراد وكل انتهاك لهذه الخصوصية معاقب عليه بموجب القانون، حيث تنص المادة 303 مكرر من قانون العقوبات على أنه يعاقب بالحبس لمدة قد تصل إلى 3 سنوات وبغرامة قد تصل إلى 300000 دج كل من مس بالحياة الخاصة للأشخاص بأية تقنية كانت وذلك بالتقاط أو تسجيل أو نقل مكالمات أو أحاديث خاصة أو سرية بغير إذن صاحبها أو رضاه، وكذا التقاط أو تسجيل أو نقل صورة الشخص في مكان خاص بغير إذن صاحبها أو رضاه”. وتعزيزا لهذه الحماية، أكد وزير العدل، أنه تم تجريم أيضا الأفعال التي تنطوي على الاحتفاظ بهذه التسجيلات حيث تنص المادة 303 مكرر 1 من قانون العقوبات على أنه يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها بالمادة 303 مكرر كل من احتفظ أو وضع أو سمع بأن توضع في متناول الجمهور أو الغير أو استخدم بأي وسيلة كانت التسجيلات أو الصور أو الوثائق المتحصل عليها بواسطة أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة 303 مكرر. في ذات السياق، فإن المشرع أورد استثناء على عدم مشروعية التصوير في الأماكن الخاصة، إذ أجاز بموجب المادة 65 مكرر 5 من قانون الإجراءات الجزائية وضع الترتيبات التقنية دون موافقة المعنيين من أجل التقاط وتثبيت وبث وتسجيل الكلام المتفوه به بصفة خاصة أو سرية في أماكن خاصة أو عمومية أو التقاط صور الشخص أو عدة أشخاص يتواجدون في مكان خاص، وذلك بموجب إذن من وكيل الجمهورية إذا اقتضت ضرورات التحري في الجريمة المتلبس بها أو في التحقيق الابتدائي في بعض الفئات من الجرائم مثل جرائم المخدرات والإرهاب والفساد وغيره، يضيف الوزير. وعليه شدد الوزير “إن الفيديوهات التي يتم تصويرها في أماكن خاصة بغير إذن صاحبها في فيديوهات مخالفة للقانون لما تتضمنه من مساس بحرمة الحياة الخاصة للأفراد، وعلى هذا الأساس لا يمكن اعتمادها كأدلة أمام القضاء بينما إذا تم التصوير بإذن من السلطة القضائية طبقا لأحكام المادة 65 مكرر 5 السالف ذكرها فإنه يجوز استغلالها كأدلة كون هذه المادة تصفي عليها طابع المشروعية”. أما بالنسبة للفيديوهات التي يتم تصويرها في أماكن عمومية، أوضح وزير العدل، أن التصرف فيها يكون على النحو التالي: إذا كانت هذه المقاطع ملتقطة في أماكن عمومية بموجب كاميرات مراقبة عمومية، كتلك المثبتة على مستوى محاور الطرقات والطرق السريعة، فيمكن الاعتماد عليها كدليل إثبات كون هذه الكاميرات يتم استغلال محتوياتها من خلال قاعات مراقبة تابعة لمصالح الأمن الوطني والدرك الوطني، كذلك الشأن بالنسبة للمقاطع الملتقطة في أماكن عمومية بموجب كاميرات مراقبة مرخص لها قانونا، سواء مثبتة من طرف أشخاص أو مؤسسات، فيمكن الاعتماد عليها أيضا كدليل إثبات، بعد إفراغ محتوياتها من طرف الضبطية القضائية المختصة في دعامة الكترونية. وشدد الوزير، إذا كانت هذه المقاطع ملتقطة من طرف كاميرات مراقبة غير مرخص لها قانونا، أو ملتقطة من خلال كاميرات فردية (كاميرا جهاز تلفون مثلا)، ففي هذه الحالات لا يمكن الاعتماد عليها كدليل إثبات لعدم مشروعيته كون الدستور والقانون يحميان حرمة الحياة الخاصة فضلا عن أنه لا يمكن التأكد من عدم التلاعب بهذه المقاطع أو تعديلها أو تغييرها، خصوصا مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي. واستطرد الوزير قائلا: “أنه ورد استثناء على ما ذكرناه أعلاه، وذلك في جرائم حددها المشرع على سبيل الحصر مثل جرائم المخدرات وغيرها، حيث يمكن بعد إذن وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق القيام بالتقاط الصور والفيديوهات للأشخاص دون علمهم أو رضاهم واستعمالها كأدلة إثبات، مع العلم أن استخدام الدلائل والقرائن والأدلة المقدمة أمام القضاء تخضع للسلطة التقديرية للقاضي. ما عدا في الأحوال التي ينص فيها القانون على غير ذلك، تطبيقا لأحكام المادة 212 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية، فضلاً عن ذلك فإن تفسير القواعد القانونية المذكورة في المنازعات المطروحة، من صلاحيات الجهات القضائية التي تمارسها تحت رقابة المحكمة العليا، وبالتالي فإن أي تفسير آخر صادر عن جهات أخرى لا يلزمها في شيء.
سامي سعد