أطلقت وزارة التربية الوطنية، مسارًا جديدًا يرمي إلى توسيع نطاق الأولمبياد العلمية ليشمل مواد تعليمية إضافية، بدءًا من الموسم الدراسي المقبل، في إطار رؤية استراتيجية ترمي إلى تنمية روح التفوق لدى التلاميذ، وصقل قدراتهم، وتمكينهم من تمثيل الجزائر في المحافل الدولية ذات الطابع الأكاديمي.
وجاء هذا التوجه في كلمة ألقاها وزير التربية الوطنية، الدكتور محمد صغير سعداوي، خلال إشرافه على فعاليات اختتام الطبعة الثانية من أولمبياد الرياضيات، حيث أعلن عن شروع القطاع في إعداد الإطار التنظيمي اللازم لإطلاق أولمبيادات وطنية ودولية جديدة تغطي تخصصات تعليمية أخرى، بما يعكس التزام الدولة بترقية المدرسة الجزائرية، وتحويلها إلى فضاء للإبداع والمعرفة. وشدّد سعداوي، في كلمته التي ألقاها بثانوية الرياضيات بالقبة، على أن هذه المبادرة تندرج في سياق تجسيد التزامات رئيس الجمهورية، لا سيما ما تعلق منها بجعل المؤسسات التربوية منصات لترسيخ الفكر العلمي، وتعزيز تكوين التلاميذ في المجالات العلمية والتقنية والتكنولوجية، تماشياً مع متطلبات الاقتصاد المعرفي.
الجزائر تُراهن على المواهب الشابة لاقتحام المنافسات العالمية
وتسعى الوزارة، من خلال هذا المشروع، إلى تأهيل نخبة من التلاميذ النجباء، وتأطيرهم ضمن مسارات أكاديمية نوعية، تُعزّز مكانة الجزائر في الأولمبيادات العالمية، وتُسهم في نشر ثقافة علمية واسعة داخل المؤسسات التعليمية، وتطوير كفاءات التفكير المنهجي والتحليل لدى الأجيال الصاعدة. وحسب الوزير، فقد شهدت النسخة الثانية من أولمبياد الرياضيات، المنظمة في سنة 2025، مشاركة قياسية، حيث تقدم ما يزيد عن 96 ألف تلميذ من مختلف ولايات البلاد، جميعهم من أصحاب المعدلات المرتفعة، ممن تجاوزوا عتبة 17 من 20 في الفصل الأول. وأسفرت هذه المنافسة عن تأهل 3124 مترشحًا إلى المرحلة الثانية، و263 تلميذًا إلى النهائيات. وقد استفاد المشاركون في الدور النهائي من برنامج تكويني مكثف بثانوية الرياضيات في العاصمة، انطلق في 23 جوان واستمر إلى غاية 2 جويلية الجاري، واختتم بتنظيم الامتحان الختامي يومي 3 و4 من الشهر ذاته، وسط أجواء علمية راقية أظهرت مدى تطور مستوى التلاميذ المشاركين. وركّز الوزير على أهمية هذه المسابقات في اكتشاف الكفاءات الخفية داخل المدارس، وتوجيهها نحو تخصصات دقيقة تتطلب مهارات استثنائية، مؤكدًا أن الأولمبياد تشكّل رافعة حقيقية لتحسين الممارسات التربوية، وتجديد أساليب التعليم، بما يعزز جودة الأداء المدرسي ويرتقي بالمضامين البيداغوجية. كما أبرز الدكتور سعداوي، أن هذه التظاهرة لا تقتصر على الجانب التنافسي فقط، بل تهدف أيضًا إلى بناء جسور التواصل بين التلاميذ المتميزين، وتعزيز روح العمل الجماعي والمنافسة الإيجابية داخل الوسط المدرسي، إلى جانب ترسيخ ثقافة الرياضيات والعلوم باعتبارها أساس كل تطور حضاري. وأشاد الوزير بالنتائج التي حققها التلاميذ، معربًا عن اعتزازه بالمستوى الرفيع الذي بلغته المشارَكة الجزائرية، ومؤكدًا أن هذه الفئة تمثل موردًا بشريًا استراتيجيًا لبناء جزائر متقدمة ومزدهرة، تتناغم مع تطلعات شبابها في الذكرى المزدوجة للاستقلال والشباب. وفي السياق نفسه، دعا التلاميذ الذين سيشاركون قريبًا في المحافل العلمية الدولية إلى التحلي بروح المسؤولية والانضباط، وتمثيل الجزائر بالشكل الذي يليق بها، خصوصًا في أولمبياد الرياضيات المزمع تنظيمه بأستراليا بين 10 و20 جويلية الجاري، وكذا أولمبياد الإعلام الآلي المقرر عقده ببوليفيا من 27 جويلية إلى 3 أوت 2025. يُذكر أن أولمبياد الرياضيات الوطني يُنظم سنويًا لفائدة تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي، في شعب الرياضيات، التقني رياضي، والعلوم التجريبية، على أن يُوسّع ابتداء من الموسم القادم ليشمل تخصصات تعليمية أخرى، في خطوة جديدة لتعزيز التفوق العلمي وتكريس رؤية تربوية تقوم على التميز، الإبداع والجودة.
سامي سعد





