أكد وزير الاتصال، محمد مزيان، أمس السبت من باتنة، على أهمية ترسيخ مكانة اللغة الأمازيغية في المنظومة الإعلامية الوطنية، بما ينسجم مع الدستور الجزائري ويعكس عمق الهوية الوطنية متعددة المكونات، مؤكدا على ضرورة دعم المبادرات الجادة الهادفة إلى ترقية هذه اللغة العريقة.
وجاء ذلك خلال إشرافه على افتتاح فعاليات اليوم الدراسي الموسوم “الإعلام بالأمازيغية في الجزائر… تثمين للتجربة واستشراف المستقبل”، المنظم بجامعة الحاج لخضر باتنة 1، بمبادرة من المحافظة السامية للأمازيغية وبالشراكة مع جمعية المراسلين والصحفيين الأوراس باتنة، حيث شدد الوزير على أن التنسيق البناء بين مؤسسات الدولة، ووزارة الاتصال خاصة، هو ضرورة استراتيجية لصياغة إعلام وطني يعكس التعدد الثقافي للجزائر.
واعتبر مزيان أن هذه المبادرة العلمية والثقافية تتماشى مع الرؤية السياسية المستنيرة لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الرامية إلى منح الأمازيغية المكانة المستحقة ضمن مكونات الهوية الوطنية وتعزيز حضورها في الحياة العامة، وفي مقدمتها الحقل الإعلامي.
تطور الإعلام بالأمازيغية
وفي مداخلته، أشار الوزير إلى الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة الجزائرية لترقية اللغة الأمازيغية في الإعلام، بدءا من إنشاء قناة إذاعية ناطقة بالأمازيغية بمختلف متغيراتها، مرورًا بترسيخ حضورها في القنوات التلفزيونية الوطنية، ووصولا إلى إطلاق قسم خاص بالأمازيغية بوكالة الأنباء الجزائرية، والذي تطور بفضل كفاءات إعلامية جزائرية وُفقت في إعطاء مضمون احترافي وهادف باللغة الأمازيغية. كما نوه بالدور الكبير للمحافظة السامية للأمازيغية، التي عملت لسنوات على دعم هذا المسار، ومرافقة مؤسسات الإعلام العمومي والخاصة لإدماج الأمازيغية، معتبراً أن هذا العمل التراكمي يعكس جدية الدولة في تجسيد الطابع الرسمي للغة الأمازيغية.
البعد الأمازيغي في الثورة والإعلام
كما عاد الوزير مزيان إلى محطات مضيئة من تاريخ الإعلام الجزائري، مذكرا بأن الإذاعة الجزائرية خلال الثورة التحريرية كانت تبث باللغتين العربية والأمازيغية، دفاعا عن سيادة الجزائر وتنوعها الثقافي. وبهذه المناسبة، ترحّم على أرواح الصحفيين الذين ناضلوا في سبيل الوطن، وخاصة الراحلة زهية خرف الله، التي شغلت منصب مديرة القناة الثانية بعد الاستقلال، وواجهت التنكيل إبان الاحتلال الفرنسي.
نقاش علمي حول الإعلام الأمازيغي
وتواصلت أشغال اليوم الدراسي بتنظيم جلستين علميتين: الأولى بعنوان “الإعلام الأمازيغي بين الواقع والتطلعات”، والثانية تحت شعار “تحديات واستشراف للمستقبل”. وقد تم خلالهما تقديم سبع مداخلات أكاديمية، أعقبها نقاش مفتوح لتقييم التجربة الوطنية في مجال الإعلام الأمازيغي، ورسم آفاق تطويرها. كما شكل اليوم الدراسي بباتنة محطة هامة لتجديد الالتزام بترقية الأمازيغية في الإعلام الوطني، باعتبارها مكسبا حضاريا وثقافيا يعزز وحدة الأمة الجزائرية وتنوعها الخلاق.
إيمان عبروس