رحبت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، غنية الدالية، بالمبادرات الخيرية التي تساعد الشباب على دخول القفص الذهبي وإكمالهم لنصف دينهم.
ودعت الوزيرة التي حضرت حفل زفاف مائة شابة وشاب بادرت إلى تنظيمه جمعية “زهرة المستقبل” الخيرية وعائلات العرسان الذين احتفلوا بزفاف أبنائهم، إلى تعميم هذه المبادرات والترويج إلى تنظيمها عبر مختلف ولايات الوطن.
فعلى زغاريد أمهات العرسان وأنغام الزرنة، استقبل الحضور الذين امتلأت بهم قاعة الحفلات “الأندلس” بأولاد يعيش من سلطات ولائية ومنتخبين محليين و صناعيين وكذا عدد كبير من المواطنين الذين أبوا إلا أن يقاسموا هؤلاء العرسان الشباب فرحتهم في صورة تعكس مدى تضامن أفراد المجتمع الجزائري.
وأوضحت السيدة الدالية أنها “حرصت على تقاسم العرسان فرحة زفافهم بهدف التشجيع وكذا الترويج لتنظيم مثل هذه المبادرات التطوعية الخيرية التي تعرف بها ولاية البليدة”، داعية مختلف المحسنين عبر ولايات الوطن إلى الاقتداء بمثل هذه الأعمال الخيرية التي تدخل الفرحة في نفوس شباب لم تمكنهم إمكانياتهم المادية من إتمام نصف دينهم.
وأضافت الوزيرة أن “العمل التضامني غير مقتصر على وزارة التضامن وحدها أو المؤسسات العمومية، وإنما هو واجب على كل جمعية خيرية أو محسن قادر على مساعدة الأشخاص المعوزين”.
وبدورهم أثنى العرسان وعائلاتهم على مثل هذه المبادرات، شاكرين القائمين على تنظيمها سيما وأنها أدخلت الفرحة في قلوبهم ومكنتهم من إتمام مراسيم زفافهم، كما قالوا خاصة عند العلم أن العديد منهم تجاوز سن الـ 30، إلا أن ظروفهم المادية منعتهم من إتمام نصف دينهم.
وفي هذا السياق، أكد الشاب أمين (35 سنة) الذي لم تفارق البسمة وجهه طيلة الحفل أن ظروفه المادية منعته من القيام بخطوة الزواج، إلا أن الدعم المادي الذي قدم له من طرف جمعية “زهرة المستقبل” الخيرية ساعده بشكل كبير على اتمام مراسيم زفافه وهو حال العديد من الشباب.
وبحسب القائمين على هذه المبادرة الخيرية، فإن الأولوية أعطيت للشباب الذين أودعوا ملفات للاستفادة من المساعدات المادية بهدف الزواج، كما أنه منحت الفرصة للأشخاص الذين تجاوز سنهم الـ 30 مع أخذ بعين الاعتبار الوضعية الاجتماعية و المادية لكل حالة.
للإشارة، فقد تخلل هذا الحفل تكريم المشاركين والمنظمين في هذا العمل الخيري، بالإضافة إلى تنظيم وجبة عشاء المعروفة بـ “عشاء الحلال” على شرف العرسان.
حفلات الزواج الجماعي تقليد راسخ جنوب الجزائر
من جهتهم، لا يزال سكان جنوب الجزائر يواظبون على إقامة حفلات الزواج الجماعي في تقليد راسخ متوارث منذ مئات السنين، ودرج على تنظيمه سكان مختلف قصور سهل ميزاب، إذ يعمل كل عريس ميسور الحال على إشراك عدد من الشبان الفقراء في الاستفادة من هذه المناسبة من خلال تحمل أعباء وتكاليف زفافهم، في صورة يسعى عرّابوها إلى توطيد دعائم التعاضد الاجتماعي وتكريس عرى التماسك بين سكان القصور القديمة. وشهدت منطقة غرداية لوحدها تنظيم 18 حفل زفاف جماعي في السابق ما سمح لأزيد من 200 زوج بتحقيق أحلامهم التي ظلت تراودهم لمدة طويلة، وتقتضي مثل هذه المناسبات احترام التقاليد العريقة المتبعة من طرف المجتمع المحلي، من خلال تعيين شيخ مسن أو إمام ليقوم بمساعدة العريس على ارتداء الثوب الرسمي الخاص بمثل هذه المواعيد الاجتماعية وسط الابتهالات وترديد قصيدة ”البردة” الشهيرة، ولا تخلو هذه المناسبات من أحاديث الذكر والإرشاد المرتكزة على فوائد الزواج والمغزى منه ودوره في تقوية التضامن الاجتماعي إلى جانب الحديث عن دور الأزواج في تمتين أواصر المجتمع. ويتم إحياء حفلات الزواج الجماعي في منطقة ميزاب عن طريق جوق خاص يتشكل من أعضاء المجموعة الصوتية الميزابية وهي فرقة هاوية يستخدم أعضاؤها مختلف آلات الطبل، ويؤدون الأناشيد والمدائح الدينية، كما لا تخلو الأعراس الجماعية من موائد عامرة للضيوف، تتألف من طبق رئيسي هو طبق ”العادة” الذي يبقى سيد مائدة أعراس الزفاف في وادي ميزاب، ويتشكل طبق ”العادة” من الكسكسي المدهون بالسمن المحلي الفاخر ويمزج بالزبيب، ويزين بأبراج البيض المسلوق، ويرافقه طبق آخر يتشكل أساساً من سبع شرائح عجينية بمقدار يتوسط كل شريحة وأخرى خليط من الفلفل الأخضر والأحمر والطماطم المشوية التي يخفق فوقها صفار البيض حتى يتماسك الخليط وتقدم هذه الوجبة مع قطع الليمون. وتتميز أعراس وادي ميزاب ببساطة لا متناهية، فلا مكان لمظاهر الفرح الصاخبة من غناء ورقص، كما يحضر حفل الزفاف عدد محدود جداً من المدعوين والنساء والأقارب المقرّبين من العائلة، والملاحظ أنّ العروس ترتدي في يوم زفافها رداء ميزابيا يدعى ”تيملحفت” يتميز بألوانه المزركشة المخلوطة بين اللونين الأخضر والأصفر ويتصف بمنمنمات هندسية صغيرة، كما لا تلجأ العروس إلى مصفّف الشعر، بل تقوم بعض السيدات المتخصصات بتزيين العروس في يوم عرسها، وهنّ يتوارثن هذه المهنة جيلا بعد جيل، وتعرف باسم ”التية”، ويعرفن ما يليق للمرأة الميزابية من تسريحة وحلّي وزينة، وذلك يتم بقليل من ”الكحل” والسواك، وهي تقوم بتزيين العروس لمدة سبعة أيام كاملة، ترافق خلالها العروس في مأكلها ومشربها قبل زفافها إلى زوجها وعادة ما تتقاضى ”التية” مبلغاً مالياً متواضعاً مقابل الخدمات التي تقدمها للعروس تبعاً للمستوى الاجتماعي لأسرتها. من جانبه، يطالب العريس الميزابي، بدفع مهر لعائلة عروسه، ويخضع هذا المهر لنظام عرفي يطلق عليه ”نظام العزابة” و”العزاب” هو الرجل الذي اعتزل العوائق الدنيوية وعزب عن الملذات ”أي امتنع عنها”، وطلب العلم وسيّر أهل الخير وحافظ عليها وعمل بها. ويرتدي العريس ”بذلة الزفاف” التي يتوارثها عن أجداده وهي تتكون من سروال ”الدوّالة”، الذي يتخذ شكلاً مدوّراً ما بين الفخذين ينتهي في الأسفل بنفس شكل السروال العصري، وتعلوه ”كشكشات” رفيعة على مستوى الخصر، وفوق ”الدوّالة” يضع العريس الميزابي ما يسمى ”أحولي” وهو نوع من الأردية المصنوع من القطن الرفيع يشترط أن يكون ناصع البياض كرمز للصفاء والنقاء، ويضع كذلك ”العقال” فوق رأسه كرمز لرجولته، وهذا العقال غالبا ما يكون مصنوعا من الحرير.