كأنها الليلة الأخيرة، الساعة الأخيرة وما تبقى من الأنفاس تُلفظ ببطء أو بالأحرى أقول تُلفظ بعمق وإحساس عتيق. إني أعيش اللحظة باللحظة وما جاورها من كل جزء بالمائة من الثانية، أسمع نبضي في صمتٍ رهيب
ودقات الليل المُهِيبْ الأروع، ما أعيشه من أحاسيس ليست سطحية، كأنني ريشة تغرق في محيط، أنزل بتأن متجاوزا طبقات الأعماق وضغط الغوص بكل حرية وراحة.
أكتسب السكون وأرتدي العزلة المطلقة، أمارس وَصْل الذات، حيث أصل إلى سُنٍدس الحياة وهو شعورٌ لا يماثله أي شعور آخر على الإطلاق.
سندس الحياة عبارة عن بروج مرتفعة في أعماقي مخروطية الشكل، أساسها نخاع الروح وسقفها عقل باطن، أما جدرانها إستبرق مطرز بخيوط ذهبية من الشمس وخيوط من الشفق الأحمر، في هاته البروج يمكن للروح الخروج من الجسد والتجوال الحر في أي مكان كان أو لم يكن. هنا بالذات كتبت هذه السطور على لوح زجاجي دون سابق تفكير فيما سأكتب أو ماذا سيكون الموضوع حتى أني حين بدأت عنونة باسمٍ عشوائي وأتبع خطى الحروف كأصم يقرأ الشفاه، أكتب أنا بما سيتلفظ قلمي بدون حذف أو تغيير للكلمة.
لا تطول رحلة ذاتي في الخيال مدة طويلة لكني أستمتع بكل جزء منها لأنها سندس الحياة.
هكذا هي وردة سوداء تلتحف الليل تترنم بحنينها المبعثر في أطراف السماء.