وحيد بن بوعزيز يعتبر الثقافة منتوجا اقتصاديا يتحكم فيه السوق

وحيد بن بوعزيز يعتبر الثقافة منتوجا اقتصاديا يتحكم فيه السوق

يعد الناقد الجزائري، وحيد بن بوعزيز، من الأسماء النقدية المعاصرة التي تملك رؤية معرفية متعددة، تقوم على مبدأ انفتاح الدرس الأدبي على المعارف المجاورة، فهو يعمل منذ سنوات داخل حقلي الأدب المقارن والدراسات الثقافية، محاولا خلق وعي نقدي جديد يهدف من خلاله إلى توطين الدرس الثقافي وربطه بالشواغل الثقافية في الجزائر، مستدعيا الثقافة الجزائرية عبر أسماء كل من مالك بن نبي وعبد القادر جغلول ومصطفى الأشرف وعلي الكنز وغيرهم، دون أن يغفل عن جهود فرانز فانون وإدوارد سعيد وهومي بابا وغياتاري سبيفاك وإعجاز أحمد وجوديت بتلر وجوزيف مسعد..

لقد فتح بن بوعزيز بحوثه على آفاق جديدة، دون نسيان واقع الجزائر وعلاقته بتاريخه الثقافي، خاصة بعد الاستقلال، ومن بين الملفات التي يشتغل عليها مع طلبته وفي كتاباته ومشاريعه البحثية هو “ملف الذاكرة” وعلاقته بمقولات الاعتراف والنسيان وأسئلة التاريخ من أسفلة. ويتعامل بن بوعزيز من جهة أخرى، مع موضوعات الأنا الجزائرية وعلاقتها بالنضال الثقافي الذي رافقها طيلة عقود وصولا إلى الراهن وتطوراته، كاشفا عن تحيزات الخطاب الكولونيالي وباحثا عن أنماط وسبل الهيمنة الثقافية. ينخرط الباحث، في حقل الدراسات الثقافية منذ سنوات، وذلك انطلاقا من جهوده المختلفة؛ تدريسا وتأليفا وترجمة وتأطيرا أكاديميا، حيث يملك رصيدا ثريا يغطي باقة من الدراسات المتنوعة في هذا الحقل المعرفي، بداية بكتاب حدود التأويل قراءة في مشروع إمبيرتو إيكو النقدي ثم كتابه الرائد “جدل الثقافة” مقالات في الأخرية والكولونيالية والديكولونيالية 2018. ويسجل بن بوعزيز في كتابه بؤس النظرية، مساءلات في الدراسات الثقافية الصادر مؤخرا عن منشورات ميم. بعض الملاحظات الهامة منها ما يخص مفهوم الثقافة وحقل الدراسات الثقافية ومنها ما يتعلق بموضوعات الذاكرة والغفران وغيرها. فالثقافة عنده لم تعد بشكلها الإيديولوجي والمادي معا مطية لتفكير ثوري يطال الحياة العامة، بل أصبحت موضعا محظيا به في عالم السوق، فلا تصبح الثقافة حكرا على فئة اجتماعية معينة بل أصبحت جماهيرية. وأضاف: صحيح لم تعد الثقافة حالة ثورية كما عرفت عند النقاد الماركسيين، بل تحولت مع بروز مجتمعات الاستعراض إلى نوع من السلع التي تتحكم في الأفراد وتوجههم كما تريد، خاصة مع تلك الدعوات إلى مجتمع الوفرة والرفاه. إن الثقافة في هذا السياق خاضعة لعالم السوق من جهة  وجماهيرية من جهة أخرى. هذا النوع من الثقافة الذي يتداخل”. ويواصل وحيد بن بوعزيز حديثه حول فكرة “دمقرطة الثقافة” والتي لا “تعني بأي حال من الأحوال أنها أصبحت فاعلية في تغيير الأشياء؛ لأنها كغيرها من العناصر التي اعتلجت بالدائرة الاقتصادية أصبحت عبارة عن منتوج اقتصادي تتدخل فيه جدلية العرض والطلب. لم تعد الثقافة إلا منتوجا اقتصاديا يتحكم فيه السوق. خاصة وأن الذراع الثقافي، قد أصبح أحد أذرع الهيمنة الجديدة رفقة الذراع المالي والذراع التقني.

ب.ص