وجوب تربية الأبناء على الدين والقيم

وجوب تربية الأبناء على الدين والقيم

لقد جعل الله تربية الأبناء على الدين والقيم النبيلة أمرًا واجبًا على الوالدين، ومسؤولية مشتركة بينهما، وهذا ما يقي الأهل نار جهنم؛ قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ” التحريم: 6. وكما أن للوالدين حقًّا، فإن للأولاد حقًّا أيضًا، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم أنه قال: “وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا”. فهل أدَّينا هذا الحق أيها الآباء والأمهات؟ فكما أن الولد سيسأل عن والده، فإن الوالد سيسأل عن ولده. إن من حقوق الأولاد التي يغفل عنها كثير من الناس: أن يختار الرجل الأم الصالحة، وهذه بداية الاختيار، اختيار الأرض الصالحة؛ ليكون الزرع صالحًا، فالأم كالأرض، والولد كالبذرة، والأرض إن كانت طيبة أنبتت نباتًا حسنًا، وإن كانت خبيثة لم تنبت خيرًا، ولذلك أكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في قوله: “تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ” رواه البخاري. ومن حق الولد على أبيه أن يحسن تسميته، ويحسن تربيته، فإن الولد يولد على الفطرة ثم يتأثر بما حوله مما يرى ويسمع، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: “كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ” رواه البخاري.

فهي أمانة وهي فتنة، يعني اختبار للأبوين هل سيقومان بواجبهما أم لا، وكثير من الأبناء إنما جاء فسادهم من قبل إهمال الأبوين أو أحدهما، وبعض الآباء والأمهات يريد أبناءً صالحين دون أن يبذل أسباب الصلاح، فهذا مضمار شاق يحتاج إلى صبر ومجاهدة، وقبل ذلك استعانة بالله تعالى، وقد عاتب أحدهم ولده على العقوق، فقال له ولده: يا أبتِ عققتني صغيرًا، فعققتك كبيرًا، وأضعتني وليدًا، فأضعتك شيخًا. أيها الآباء والأمهات مسؤوليتنا ليست مقتصرة على توفير حاجات الجسد من طعام وشراب وكساء ودواء، بل هناك ما هو أهم من هذا كله، وهو غذاء الروح، الدين والأخلاق، ولا بد أن نعلم أن من أضاع هذه الأمانة فهو على خطر عظيم، فقد جاء الوعيد الشديد على ذلك؛ قال صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ” متفق عليه.