تتنوَّع الفرص والمواسم للدعوة إلى الله تعالى، ومن أحسنها وأفضلها وأكثرها تأثيرًا عندما تكون النفوس مستعدة، ومهيَّأة للقبول وعدم المعارضة، وتكون بحاجة لمن يقدِّم لها حلًّا لما تواجه من مشاكل وأزمات، أو يواسيها ويخفِّف عنها في الأوبئة والأمراض. ومن المعلوم أن جائحة كورونا “كوفيد 19″ المستجد اجتاحت العالم بأسره؛ حيث أصبح البشر دون استثناء في حيرة وتردُّد واضطراب وخوف وقلق دائم، وتحت ظروف الحجر المنزلي التي قلَّما مرَّت بهم في القرون القريبة الماضية؛ إذ توقَّفت المصانع والمطارات، والمدارس والجامعات، وتعطلت مصالح الناس وأعمالهم، وبقوا محصورين في منازلهم أو قراهم ومُدنهم، لا يسمعون إلا عن الوفيات وانتشار المرض، وأخذ الاحتياطات والعمل بالتوجيهات، وصاروا يخافون من أي شيءٍ حتى من ذويهم وأقاربهم، ومن أعزِّ الناس عليهم، وأصبح العالم المتمدِّن بتقنيته الحديثة وتقدُّمه الهائل ووسائله الكثيرة عاجزًا عن إيجاد حل أو لمسة دواء وقطرة شفاء عن فيروس لا يُرى بالعين المجرَّدة، ولله في خلقه شؤون سبحانه وتعالى.
وخلال الأزمة رأينا بوادر تدل على أن النفوس جاهزة للقبول والاستماع، أو التعرف على الإسلام على الأقل، وأنه قد حان الأوان لغرس بذرة الإيمان بالله في الصدور؛ إذ رأينا وشاهدنا مواقف قلَّما فكَّرنا فيها، وقلَّما سمِعنا بها من قبلُ، ففي إسبانيا تم رفع الأذان من النوافذ وعبر الشرفات، وفي برلين عاصمة ألمانيا يسمح ولأول مرة لمسجد برفع الأذان عبر مكبرات الصوت بين الناس، كما تَمَّ رفع صوت التوحيد عن طريق مكبرات الصوت في عدد من الدول الأوروبية التي كانت تسمح برفع الأذان داخل جدران المسجد فقط. وهنا يأتي دور الداعية المسلم بأن يكرِّس جهوده ومساعيه لخدمة الإسلام ورسالته السمحة القائمة على العدل والوسطية، والخير والفضيلة والبر والإحسان، وينشر البِشْرَ والبُشْرى والتفاؤل والمحبة، واليسر والألفة بين الناس، ويدعو إلى الله تعالى على علم وبصيرة وحكمة وصبر: ” قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ” يوسف: 108. أيها الدعاة، إنها فرصتكم الثمينة لتنبيه الغافلين، واستثارة الهِمم، ورفع المعنويات، وتصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة عن الإسلام، فرصتكم لتكونوا سفراءَ الإسلام وتقديمه بأساليب إبداعية مشوِّقة وجميلة، وبطرق سهلة مبتكرة.