وباء كورونا بين الطب والشريعة

وباء كورونا بين الطب والشريعة

مخلوق من مخلوقات الله عز وجل يكاد يكون من أصغر ما خلق الله في هذه الخليقة، يكاد يعطل عجلة الحياة في كثير من البلدان، الكبيرة منها والصغيرة، القوية والضعيفة، لا يعرف هذا “المخلوق” التفريق بينها؛ ليعلم الجميع بأن الأمر بيده، يدبر الأمر كيف شاء، فلا القوي تنفع قوته، ولا الضعيف تصغر إرادته، فالكل سواء، “لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم”. هذا المخلوق هو فيروس صغير، لا يرى بالعين المجردة، وهو ما يسمى “بفيروس كورنا”، فيروس في أيام معدودة يتحول إلى وباء، يعطل كثيرا من الأمور الحياتية في كثير من البلدان؛ أُطلق على المرض الناجم عن الفيروس التاجي الجديد الذي ظهر لأول مرة في مدينة “ووهان” بالصين.

وهذا “الوباء” له نظير في التاريخ، وهو “الوخم”، الذي عرفه أهل اللغة: بأنه تعفن الهواء المورث لأمراض الوبائية، لكونه أقرب قياسا لوباء كورونا، ويقاربه في ذلك مرض الطاعون في بعض الأحكام الطبية المتعلقة بها بعض الأمور الشرعية. فيعتبر فيروس كورونا من الأمراض المعدية، حيث ينتقل هذا الفيروس عبر الاتصال المباشر بالرذاذ التنفسي الصادر عن شخص مصاب -والذي ينشأ عن السعال أو العطس وملامسة الأسطح الملوثة بالفيروس. كما يمكنه العيش على الأسطح لعدة ساعات، ولكن بالمقابل أيضاً يمكن القضاء عليه بمسح الأسطح بالمطهرات البسيطة.

العدوى من الناحية الشرعية ثابتة في الشريعة الإسلامية، حيث وردت في ذلك أحاديث ثابثة في السنة النبوية تدل على ضرورة الاحتراز من انتقال هذه الأمراض عن طريق العدوى، فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يوردن ممرض على مصح” رواه البخاري، حتى لا تنتقل العدوى من المريض إلى الصحيح. وبما أن الأخذ بالأسباب ضرورة ملحة يوصي بها الأطباء، وتحث عليها الشريعة السمحاء، وثبوت أن هذا الوباء “كورونا” ينتقل عن طريق العدوى، فإن الالتزام بالأسباب المادية التي يوصي بها الأطباء واجب شرعي يجب الأخذ بها والعمل بمقتضاها.