في رحاب السيرة النبوية

والله لا يخزيك الله أبداً

والله لا يخزيك الله أبداً

خدمة الناس وقضاء حوائجهم، ونفعهم بصور النفع المختلفة، كالإطعامِ وسقاية الماء، وسدادِ الديون، والإصلاحِ بين المتخاصمين، وبذلِ الشفاعةِ لتحصيل خير أو دفع شر، والسعي في شأن الأرملة والمسكين، وكفالة اليتيم، وإعانة الضعيف، وإغاثة الملهوف، وغير ذلك من سائر المصالح التي يحتاجها الناس، وهو ما نسميه بصناعة المعروف للآخرين كل ذلك كان من خُلُقِ النبي صلى الله عليه وسلم. ونبينا صلوات الله وسلامه عليه من قبل وبعد بعثته كان أكثرَ الناس نفعاً للآخرين، وأشدهم حرصاً على قضاء حوائجهم، وتصفه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها في أول بعثته، فتقول: ” والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتُكسِب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق “رواه البخاري. وعن عبد الله بن شقيق رضي الله عنه قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: ” هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد؟، قالت: نعم، بعد ما حطمه الناس “.  رواه مسلم. قال النووي: قولها: ” بعد ما حطمه الناس ” قال الراوي في تفسيره يقال: حطم فلانا أهله إذا كبر فيهم، كأنه لِمَا حمله من أمورهم وأثقالهم والاعتناء بمصالحهم. وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن بذل المعروف معاملة مع الله، لا توزن بالقلة والكثرة، بل تُحْمد عند الله على كل حال، فقليلها عند الله كثير، وصغير العمل عند الرب الكريم كبير كما قال صلى الله عليه وسلم: “اتقوا النار ولو بشق تمرة” رواه البخاري. كما علمنا صلى الله عليه وسلم أن صُنَّاع المعروف هم مفاتيح الخير للمجتمع، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل اللهُ مفاتيحَ الخير على يديه، وويل لمن جعل اللهُ مفاتيح الشر على يديه ” رواه ابن ماجه.