إذا أنعم الله على العبد بالسجود وكثرة السجود والخشوع، فإن ثمَّتَ ثمراتٍ يجنيها العبد في الدنيا وفي الآخرة؛ من أعظم هذه الثمرات مرافقة المصطفى عليه الصلاة والسلام في أعالي الجنان؛ “لما وضَّأه ربيعة، قال له النبي عليه الصلاة والسلام: سَلْني حاجتك، قال: يا رسول الله، أسألك مرافقتك في الجنة، قال: إذًا أعنِّي على نفسك بكثرة السجود”، إذا أردت أن تدخل في مدح الله والثناء من الله، فادخل في السجود؛ قال: ” الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ ” التوبة: 112، وهناك قال ” سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ” الفتح: 29، إذا أردت أن تُحرِّمَ يقينًا جزءًا من جسمك على النار، فعليك بالسجود، لا تأكل النار مواضع السجود، إذا أردت أن تغيظ الشيطان العدوَّ اللَّدُود، فعليك بالسجود، فعندما يسجد ابن آدم، يعتزل الشيطان ويبكي، يقول: أُمرنا بالسجود ولم نسجد، وأُمِر ابن آدم بالسجود وسجد؛ إذا أردت أن تكون من أصحاب السجود، يوم ينادينا الله للسجود يوم القيامة؛ ” يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ” القلم: 42، 43.
ثم لك أن تتصور وأنت في سجودك في مقامٍ ربما هو مقام ذلٍّ في نظر العباد، لكنه مقام عزة بين يدي رب العباد، لك أن تتصور وأنت تقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، تُعظِّمُ الرب، تقدِّس الرب، تُنزِّه الرب، لك أن تتصور وأنت في السجدة قريب من الرب، كأنك تدعو فيُجيبك على هذا الدعاء، فإذا كان التذلل بين يدي الله بالسجود، يقربنا منه ويعلمنا درسًا، فإن أعظم هذه الدروس أن نتعلم التواضع مع الناس، هذه الجبهة التي انحنت بين يدي الله تذلُّلًا وتعظيمًا، تعلمك أن تكون متواضعًا مع الناس، حريصًا على ألَّا يرى الناس منك علوًّا ولا كبرًا ولا ارتفاعًا، وإنما تتذلل إرضاء لله جل في علاه، كلما كنت لينًا هينًا متواضعًا سَمْحًا قريبًا من الناس، كان ذلك أعظم قدرًا بين يدي الله جل في علاه، ثم اختم أيامك كلها بدعوات أن يجعلك الله من الساجدين؛ لأن في السجود اقتراب: ” كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ” العلق: 19.