لا يشك عاقل أن القتل من أعظم الجرائم بعد الشرك بالله رب العالمين؛ ولهذا قرنَه سبحانه بالشرك في قوله تعالى: ” وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ” الفرقان: 68، 69. وقال تعالى ” مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ” المائدة: 32. وقال سبحانه: ” وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ” التكوير: 8، 9. وقد أرصد الله تعالى للقاتل خمس عقوبات جزاءَ جُرْمه، ذكرها سبحانه في قوله: ” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ” النساء: 93. ولقد حذَّرنا النبي صلى الله عليه وسلم مغبة القتل، وسوء عاقبته في أحاديث كثيرة؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “اجتنبوا السبع الموبقات”، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: “الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات” متفق عليه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يزال المؤمن في فُسحةٍ من دِينه، ما لم يُصب دمًا حرامًا” رواه البخاري، قال ابن العربي: الفُسحة في الدِّين: سَعة الأعمال الصالحة، حتى إذا جاء القتل ضاقت؛ لأنها لا تفي بوِزره، والفسحة في الذنب: قَبوله الغفران بالتوبة، حتى إذا جاء القتل ارتفع القبول. وقال عليه الصلاة والسلام وقد سُئل: أيُّ الذنب أعظم؟: “أن تجعل لله ندًّا وهو خلقَك”، قال: ثُمَّ أيُّ؟ قال: “أن تقتل ولدَك خشية أن يطعَمَ معك”، قال: ثمَّ أيُّ؟ قال: “أن تُزانيَ حليلةَ جارِك” متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: “أول ما يُقضى بين الناس في الدماء” متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “أكبر الكبائر: الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين” رواه البخاري.