قال الله تعالى: ” الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ” التوبة: 67. وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ: تعبير عن الشُّحِّ والبخل، حيث يَضِنُّون بالمال، فلا ينفقونه في سبيل الله، والبخل لا يجتمع مع الإيمان في قلب العبد، وليس هناك داء أدوأ من البخل. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا، وَلَا يَجْتَمِعُ الشُّحّ وَالْإِيمَانُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ أَبَدًا. رواه النسائي. فانظر كيف نفى الإيمان عن البخيل، وهما صفتان متضادتان، كما أن الحياء والإيمان صفتان لا تفترقان ، وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه رَجُلًا يَقُولُ: الشَّحِيحُ أَعْذَرُ مِنَ الظَّالِمِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَذَبْتَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ” الشَّحِيحُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ” رواه الطبراني.
أما منع الزكاة، فالزكاة صفة ملازمة في وصف المؤمنين، قال تعالى: ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ” المؤمنون: 1 – 4. وهي من أركان الإسلام الخمسة التي بُنِيَ عليها، وكان أول شيء حاول المنافقون هدمه من الإسلام هو: ركن الزكاة، فقيَّض الله تعالى لذلك أبا بكر الصديق رضي الله عنه، حيث عقد أحدَ عشرَ لواءً لإعادة الخارجين على الإسلام من المرتدين مانعي الزكاة، ألا يعلم هؤلاءِ أن البخل وقبض اليد عن الإنفاق في سبيل الله لإعزاز الدين ونشره في ربوع العالمين من أسباب التهلكة والاستبدال. قال تعالى: ” وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ” البقرة: 195، وقال تعالى: ” هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ” محمد: 38.