تباينت آراء المراقبين من مبادرة للرئيس التونسي قيس سعيد بخصوص المصالحة مع رجال أعمال ملاحقين قضائيا، بين من يراها خطوة مهمّة تحتاجها البلاد، ومن يعتقد بصعوبة تحقيقها، ويرى أنّها حلقة جديدة في مسلسل “ابتزاز” رجال الأعمال.
وكشفت مصادر محليّة، السبت، أن الرئيس التونسي أعد نسخة أولية من مشروع قانون يتعلق بإقرار صلح لاسترجاع المال العام، وإعادة توظيفه في التنمية، من المنتظر أن يجري نقاشات سياسية بشأنها، قبل إحالتها على البرلمان.
وتقضي المبادرة التشريعية الأولى لرئيس الجمهورية بوقف ملاحقة رجال أعمال محسوبين على نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، مقابل تعهّدهم بإنجاز مشاريع تنموية في البلاد.
وتعليقا على المبادرة، يرى الناشط السياسي كريم بورزمة أن الرئيس التونسي قيس سعيد يتجه إلى تكثيف أنشطته المتصلة بلعب دور في الملفات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك إثر انتقادات طالته بعد سنة من ممارسة السلطة.
وقال بورزمة، في تصريحات لـ”إرم نيوز”: _العديد من رجال الأعمال تكبلهم الملاحقات القضائية، وتحول دون مساهمتهم في الاستثمارات الداخلية.. المصالحة معهم مقابل التكفل بمشاريع تنموية حل تستفيد منه الدولة لدفع قطار التنمية المعطلة، ويحقق من خلاله رجال الاعمال تحررهم من الضغوطات_.
بدوره، قال الأمين العام للحزب الاشتراكي الدستوري شكري بن عبدة، في تصريحات لـ”إرم نيوز”: إن تونس لا يمكن أن تحقق أي تقدم إلا بتحقيق مصالحة شاملة، تطال كل القطاعات والفئات_.
وأضاف: “قيس سعيد أعاد الروح إلى جانب من المبادرة التي كان أطلقها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في وقت سابق، حين أطلق مبادرة المصالحة الاقتصادية مع رجال أعمال النظام السابق زين العابدين بن علي، وذلك بعد إسقاطها في البرلمان، ضمن قانون المصالحة الإدارية”.
في المقابل، اعتبر المحلل السياسي واستاذ القانون رابح الخرايفي أن المبادرة الجديدة للرئيس التونسي “مثيرة للجدل”، معتبرا أن “التونسيين يتطلعون إلى مصالحة فعلية، وليس إلى ابتزاز جديد”.
وقال الخرايفي، في تصريحات لـ”إرم نيوز”: “مبادرات المصالحة عموما هي ملفات شديدة الحساسية، وينبغي صياغتها بشكل جيد، وبأكثر تشاركية، لإقحام مختلف الآراء والتصورات، وتجنيبها الانتقادات وردود الفعل السلبية”.
وخلص الخرايفي الى أن هذه المبادرة “تثير مخاوف أخرى متصلة بإمكانية إخضاع رجال الأعمال إلى الابتزاز؛ من أجل خدمة المشروع السياسي لقيس سعيد، وهو ما يحيل إلى أنّ الأولوية تكمن في استكمال مسار العدالة الانتقالية المعطل، بدلا من استحداث مسارات جديدة”.