إن نعم الله على الإنسان لا يحدها حد، ولا يحصيها عد ولا يستثنى من عمومها أحد، فهي نعم عامة، سابغة تامة، يقول سبحانه وتعالى ” وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ” النحل: 18 ويقول جل شأنه: ” وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ” لقمان: 20، ومن أجل نعم الله على الإنسان وأعظمها وكلها جليلة وعظيمة نعمة الماء وكيف لا والماء مصدر الحياة؟
الماء عماد الحياة وهو الشيء الذي يعتبر أساسها ومن مقومات العيش على الأرض لكل الكائنات الحية، فلا نستطيع أن نتخيل الحياة بدون ماء، فالماء سابق في وجوده على جميع الخلائق، فقد أثبتت دراسات علوم الأرض أن هذا الكوكب يرجع عمره إلى أكثر من 46 بليون سنة مضت، بينما يرجع عمر أقدم أثر للحياة في صخور الأرض إلى 38 بليون سنة، وهذا يعني أن عملية إعداد الأرض لاستقبال الحياة استغرقت أكثر من ثمانمائة مليون سنة والدليل الشرعيّ الذي استند إليه العلماء في أن أصل العالم، هو الماء وهو أول المخلوقات، خبرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني أنبئني عن كل شيء، قال “كل شيء خلق من الماء” رواه ابن حبان.
وروى السديُّ بأسانيد متعددة عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إنَّ الله لم يخلق شيئًا مما خلقَ قبل الماء” في تبين بذلك أن الماءَ هو أصل جميع المخلوقات وهو أول الخلق، فمن الماء خلق اللهُ العالمَ قال تعالى ” وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ” الأنبياء: 30.