في صحيح الجامع من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحبُّ الكلام إلى الله أن يقول العبد: سبحان الله وبحمده”، وفي الحديث الذي رواه مسلم من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحبُّ الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا يضرك بأيِّهِنَّ بدأت”. ولهذا، عمل اليوم الذي يحبه الله هو عمل من أعمال اللسان وهو: التسبيح يا كرام. فالتسبيح هو الثناء الكامل على الله مع رغبة ورهبة، ويعرِّفه العلامة المفسر الشنقيطي رحمه الله في تفسيره: “بأنه تنزيه الله عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله”. وورد ذكر التسبيح في القرآن أكثر من ثمانين مرة، وهذا رسولنا عليه الصلاة والسلام يدعوه ربه سبحانه لأن يكون له من المسبحين فيقول له: ” سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ” الأعلى: 1، وكما جاء عند الإمام مسلم رحمه الله من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه”.
والتسبيح هو الذكر الذي كانت تردده الجبال والطير مع نبي الله داود عليه السلام؛ قال تعالى: ” وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ” الأنبياء: 79، ولما خرج زكريا عليه السلام من محرابه دعا قومه للتسبيح: ” فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ” مريم: 11، وهذا نبي الله موسى عليه السلام يدعو ربه أن يجعل معه أخاه هارون وزيرًا؛ ليعينه على التسبيح، فقال: ” وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ” طه: 29 – 34. والتسبيح هو ذكر الملائكة؛ قال تعالى: ” وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ” الشورى: 5. ولذلكم؛ فإننا نعيش في عالم يضج بالتسبيح، لكننا أحيانًا لا نلتفت ولا نبالي ولا نهتم أو لا نفقه ذلك: ” تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ” الإسراء: 44.