في نبأ يونس عليه السلام بشارة لكل مؤمن مكروب بالنجاة، ” فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ” الأنبياء: 88؛ فالإيمان عدة الشدة، وسبيل فرجها، ودنوّ الفرج مقرون بما حققه المرء من إيمان. ومن أرسا دعائم الإيمان الذي يكون به الفرج عمل الصالحات حال الرخاء، ” فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ” الصافات: 143، 144، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ” رواه الحاكم.
وأعظم تلك الصالحات التي بها تتبدد مظاهر الكرب عبادةُ الصلاة والدعاء، وهي ما نوّه الله بذكرها في خبر يونس عليه السلام؛ فقد فسر ابن عباس رضي الله عنهما – قوله تعالى ” فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ” الصافات: 143 بالصلاة حتى وهو في بطن الحوت، وقال ابن كثير: ” وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ دُعَائِهِ: “يَا رَبِّ، اتخذتُ لَكَ مَسْجِدًا فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ”.
وأما الدعاء؛ فحسبكم أن الفرج قرين دعوة يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت، بل هو سبب لاستجابة الدعاء بعامّة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ” رواه الترمذي وصححه الحاكم، سيما إن استصحب الداعي بها حال الكرب، وأيقن بقرب الرب وعلمه، كما أيقن يونس عليه السلام بذلك والحوت يجوب به عمق البحار.