دلَّ الاستِقراء والتتبُّع لنصوص الكتاب والسُّنَّة الواردة بشَأن الملائكة عليهم السلام بأنهم عبادٌ لله تعالى بأنواع العبادة التي خُلِقوا لها ويُكلِّفهم من أمره بما يَشاء، وتَكادُ تنحَصِر وظائفُهم وأعمالهم من حيث مُتعلَّقها بثلاثة أنواع، هي من حِكَمِ خلقهم ودلائل علوِّ شأنهم وكَرامتهم على ربهم تبارك وتعالى وهي:
الأولى: عبادة الله تعالى بالإيمان به وحمده وتمجيده والثناء عليه بما هو أهلُه، وذِكرهِ ودُعائهِ واستغفاره والصلاة له، وهذا وصْفهم العام مع ما يُكلَّفون به من مهامَّ، ومنهم مَن هذا شأنه أبدًا فهم صفوفٌ لا يفترون، ومنهم سُجَّد لا يرفَعون منذ خلقهم الله، وقد وردَتْ أحاديثُ بهذا المعنى احتجَّ بها أهلُ العِلم؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: “أطَّت السماءُ وحُقَّ لها أنْ تئطَّ، ما فيها شبرٌ؛ وفي رواية: أربع أصابع – إلا وملك قائم أو راكعٌ أو ساجد؛ وفي روايةٍ: لا يرفعون رُؤوسهم – منذ خلَق الله السماوات والأرض – وفي رواية: لا يرفَعونها إلى يوم القيامة” رواه الترمذي.
الثانية: تدبير أمر الملكوت – عُلويِّه وسُفليِّه وما بينهما – وما فيه من مخلوقات وعَوالم غير مُكلَّفة، المنظورة وغير المنظورة بأمر الله تعالى وذلك من جليل حِكَمِ خلْقهم: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ” التحريم: 6 ، فأعمالهم كثيرةٌ ومسؤوليَّاتهم كبيرة، وهم مجموعاتٌ متنوِّعة، لكلِّ مجموعة اختصاص.
الثالثة: تدبير أمر المكلَّفين من الخلق – الجن والإنس – والصلة الوثيقة بهم في أحوال كثيرة، في حياتهم وبعد مماتهم، وقد جاءت النُّصوص بإثبات وظائف جماعاتٍ من الملائكة عليهم السلام على التفصيل كما يلي:
– حفظ بني آدم، وهو من وظيفة الملائكة المعقِّبات.
– حفظ أعمال بني آدم وهو من وظيفة الكِرام الكاتبين. ملائكة الروح الذين ينفُخون الأرواح في الأجنَّة في الأرحام، ويقبضونها عند انتهاء الآجال.
– الملائكة الذين يُسدِّدون ويُعِينون المكلَّفين على الخير ويمدُّون المجاهدين المتَّقين.