قول الله تعالى: ” إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ” الأنفال 12، و”الوحي” من الله تعالى: الإعلام في سرعة وخفاء، والملائكة خلق من خلق الله تعالى، وجند من جنوده جبلهم على الطاعة والعبادة. فأوحى الله تعالى إلى الملائكة “أني معكم”، ومعية الله تعالى هنا معية تأييد وعون، وهنا خارقة من أعجب الخوارق، وآية من أعظم الآيات؛ فالله تعالى مع الملائكة بالتأييد والعون، والملائكة مع المؤمنين تقاتل وتثبت المؤمنين، وقد ألقى الله تعالى الرعب في قلوب الكافرين.
إن الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ” إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ”. تشير إلى ما أنعم الله تعالى به على المؤمنين أصحاب بدر من عون وتأييد؛ فقد أنزل الملائكة استجابة لاستغاثتهم، وأوحى إليهم أنه سبحانه وتعالى معهم، وأمرهم أن يثبتوا المؤمنين، “فثبتوا الذين آمنوا”، والتثبيت هنا: هو القتال مع المؤمنين، ثم تأتي تلك الجملة الاعتراضية وهي: “سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب” فضلاً من الله تعالى ومعونة، وتأكيدًا لمعيته سبحانه للملائكة وللمؤمنين، وتيسيرًا للمهمة، وقوله تعالى: “فاضربوا” إنما هو أمر وخطاب للملائكة بضرب المشركين فوق الأعناق، وضرب كل بنان، والصورة الآن واضحة المعالم، متكاملة الجوانب. مما يدل على أن الملائكة قاتلت قتالاً فعليًّا مع المؤمنين، وقتلت من المشركين وأهانتهم.