هل تعلم؟.. ما هو حاصد الحسنات؟

هل تعلم؟.. ما هو حاصد الحسنات؟

 

حديثنا اليوم عن داء عضال، ومرض قلبي قتال، شره كبير، وبلاؤه خطير، ما تحَكَّم في فرد إلا أشقاه وأضله، ولا في مجتمع إلا شَتَّتَه وأذلَّه، كم صدَّ عن الحق! وكم أضل من الخلق! إنه مصدر كثير من البلاء، سلاح فتَّاك، وسيف بتار يضرب به الشيطان القلوب فتتمزق، والمجتمعات فتتفرق، يُفسد المودة، ويقطع حبال المحبة، ويهدم أواصر الأخوة، بل يحلق الدين، ويهدم الدنيا، ويقضي على بواعث الخير بين المؤمنين.

ذاكم هو داء الحسد الذي به يكون تمني زوال النعمة عن المحسود، وكراهية وصول الخير إليه. والحسد هذا الذنب العظيم، هو أول ذنب عُصِي الله عز وجل به؛ وذلك حينما أمر الله تبارك وتعالى الملائكة الكرام أن يسجدوا لأبينا آدم عليه الصلاة والسلام، فسجدوا جميعًا؛ استجابة لأمر الله جل وعلا إلا إبليس! فإنه حسد آدم على هذه الفضيلة، وتلك المنقبة، فقال: ” أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ” الأعراف: 12، والنار في عرف إبليس خير من الطين؛ فهو يرى أنه خير من آدم! فكيف يسجد من كان فاضلًا لمن كان مفضولًا؟! ما الذي بعثه على ذلك كله؟ إنه الحسد لآدم عليه السلام.

وما الذي حمل إخوة يوسف عليه السلام على فعلهم بيوسف وهو طفل صغير؟ ” إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ” يوسف: 8، حسدوه على منزلته عند أبيه، فكان منهم أن رموا أخاهم في الجب، وحصل له من المعاناة والبلاء ما لا يخفى عليكم. والحاسد يجد في صدره وقلبه ضيقًا وكراهية لنعمة الله التي أنعم بها على أخيه المسلم، حتى إنه يتمنى في قرارة قلبه أن يزيل الله تلك النعمة عن أخيه! بل ربما أنه هو من يسعى لإزالتها وإذهابها عنه. وحسبك في ذم الحسد وشديد قبحه أن الله عز وجل أمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بالله من صاحبه ومن شره، فقال عز وجل: ” وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ” الفلق: 5.