خلقَ الله تعالى كل شيء على هذه الأرض لغاية ولحكمةٍ أرادها جلَّ جلاله، ولا نعلم منها إلاً ما أتاحتهُ لنا عقولنا وحواسنا بمعرفته، وأمّا ما غابَ عن إدراكنا فوضّحهُ لنا الدين والوحي من الله سُبحانهُ وتعالى إلى رُسُلِهِ الكرام عليهم الصلاة والسلام. وجميع ما خلَق الله هوَ عبدٌ لله طوعاً أو كراهيّة ولا يخرج عن مُلكه قيدَ أُنمله، فكيف يخرج والكون كلّه بيد الله، وكلّهُم جُنود لله يُسخّرهم كيف شاء وأنّى شاء جلّ جلاله.
– جُند الله في السماوات : الملائكة الأطهار خلقهُم الله من نور وجعلَهم خدمةً لأؤليائه وسبباً لنُصرة المؤمنين، وسوطاً على الكافرين، فبعضُهم توكّلَ بالوحي إلى جُند الله في الأرض من الرسل الكرام خير أهل الأرض، كما هوَ معروفٌ عن روح القُدُس جبريل عليه السلام، وهوَ أمين الوحي، وهو من جنود الله من الملائكة المطهّرين، وقد أرسلَ الله جُنودَهُ من الملائكة تأييداً ونصرةً وتسخيراً للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في غزوة بدر الكُبرى، والملائكة أجناد الله الذين يدرؤون بأمر الله عن المؤمنين ما يضرّهُم ويحفظنهم عن أيمانهم وعن شمائلهم.
– جُند الله في الأرض: عباد الله المُخلصين وأعظمهم الرُسُل والأنبياء ثم الأولياء الأنقياء هُم من جنود الله الظاهرين بدينهم والغالبين بأمر الله، وهُم الذين يأمرون بالمعروف وينهونَ عن المُنكر، ويُقيمون شرعَ الله، ويُدافعونَ عن شريعة الحقّ فهؤلاء بلا شكّ من جُند الله.
– جُند الله من الجمادات: وغيرها حتّى الجمادات يُسخّرها الله لمن يشاء من عباده جُنداً ناصرين، فالشمس تتأخّر لأحد الأنبياء ساعةً من الزمن ليتمّ لهُ النصر على عدوّ الله وعدوّه، والقمر ينشقّ إلى نصفين آيةً ومُعجزةً لإثبات صدق رسالة النبيّ المُصطفى عليه السلام، والغار ينفرج عن الثلاثة الذين أغلقت عليهم أبوابه حينَ دعوا الله بخالص أعمالهم، وكذلك البحر يتحوّل إلى يابسة ويقف كالطود العظيم ليمرّ من خلاله مُوسى عليه السلام ومن معهُ من المؤمنين، والآية الكريمة التالية تُجمل بعضاً من آيات الله في الكون والتي سخّرها له جُنداً من جنود الله “وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَ_لِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ”.