لقد جمع الله لنبيه داود عليه السلام خيري الدنيا والدين، فقد أنعم عليه بنعم كثيرة، قال تعالى: ” وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا ” سبأ:10. وذكر ذلك أيضًا ابنه سليمان عليه السلام في معرض التحدث بالنعمة والشكر لله عليها، كما قال تعالى: ” وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ” النمل:15. فمن تلك النعم:
أولاً : القوة العلمية، قال تعالى: ” وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ” البقرة:251، وقال: ” وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ” النمل:15. وهذا العلم يشمل العلم بدين الله، والعلم بتدبير أمر الملك، والعلمَ بمنطق الطير، والعلم بمعرفة تسبيح الجبال معه، والعلم بصناعة الدروع الحصينة الخفيفة على حاملها، قال تعالى: ” يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ” سبأ:10، وقال: ” إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ ” ص.
ثانيًا : القوة البدنية، وتشمل هذه القوة: القدرةَ العظيمة على صناعة الدروع فكان الحديد في يده كالعجين يتصرف فيه كما يشاء، قال تعالى: ” وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ” سبأ:10، وتشمل كذلك: القوةَ العسكرية بقتله جالوت، والقوة على كثرة العبادة من صيام وصلاة وغيرها مع انشغاله بالملك.
ثالثًا : قوة الملك بتسخير الأسباب المادية والمعنوية؛ ليقوى ملكه من كثرة الجنود، وحسن السيرة، والعدل والفصل في الخصومات. قال تعالى: ” وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ ” ص:20.
رابعاً: الإصابة في القول والفهم في القضاء، قال تعالى: ” وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ” ص:20.
خامسًا: المنزلة العالية عند الله تعالى، قال تعالى: ” فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ” ص:25.
سادسًا: حسن الصوت، فقد كان داود عليه السلام ذا صوت جميل، فكان إذا رجّع التسبيح والزبور بصوته الشجي رجّعت الجبال والطير مثل تسبيحه طربًا لصوته. قال تعالى: ” مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ” الأنبياء:79.