قال سبحانه وتعالى ” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ” الملك: 15. إنَّ دين الإسلام عقيدةٌ وعمل، شريعة وأخلاق، ينظِّم علاقة الإنسان بربِّه، وعلاقتَه بنفسه، وعلاقته ببني جنسه. والعمل والإنتاج هما وسيلةُ العمل المشروع، وقد أمر الله بهما، وحضَّ عليهما، ورفع من شأنهما. وامتنَّ على عباده بأنْ ذلَّل لهم الأرضَ ويسَّر لهم العملَ فيها؛ وسخَّر لهم البحر؛ ليأكلوا منه لحمًا طريًّا، ويستخرجوا منه حلية يلبسَونها، وأجْرَى لهم الفلك، وجعل لهم الليلَ سكنًا، والنهار معاشًا؛ وأمر الإنسان بعد أن مَنَحَه العقل أن يجمع رزقَه باستعمال عقلِه، وبما وسِعه من حيلة، وإعمالِ فكرٍ، وتدبير رأي، وجعلَ السعيَ والعمل فريضةً مفروضة بعد الصلاة؛ فقال سبحانه وتعالى ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” الجمعة: 9، 10. فحثَّهم على العمل مع ذِكر الله واستحضار عظمتِه ومراقبته، وأنَّه مطَّلع عليهم يعلم ما يسرُّون وما يعلنون، فإذا ما قصدوا وجهَ الله، وابتعدوا عن غضبِه، رزقَهم كما يرزقُ الطير؛ تغدو خماصًا وتروح بطانًا، ووهبَهم القناعة والرِّضا.